كنت كثيرا ما أطلب من زميلاتي أن يقرأن علي هذا الكتاب، فتبدأ الواحدة منهن بالقراءة ثم تتوقف لظرف ألم بها، لكن هذه المرة أقرأ هذا الكتاب وحدي من دون حاجتي إلى أحد.
السؤال الذي خطر في بالي، لما هذا الكتاب في هذا الوقت؟
الحقيقة أن هذه الكلمات ليست لمن ينوي حجا فحسب، هي للذين يبحثون عن أرواحهم في صخب الدنيا، الذين ينظرون إلى سعيهم فيشعرون به وهو ينسل من بين أيديهم من دون أن يشعروا
بين ضمير المتكلم والمخاطب، ترى نفسك موجودا، تشعر أن هم هذه الأمة هم مشترك بيننا جميعا وهي تنتقل من الذاتي_التجربة الشخصية إلى الجمعي_الأمة ومآسيها وما يجب أن تكون
أحببت تلك اللغة العذبة الآسرة التي تهبها الآيات روحا وتسبغها جلالا
تحكي مزنة عن الاغتراب المادي عن الوطن والراحة والأهل، ثم السكون والتسليم في مكان قد يكون غريبا ماديا لكنه يكتسب قربا من حيث الروح، من حيث أن النبي وصحابته رضوان الله عليهم عاشوا هنا وأسسوا لهذه الأمة بالقرآن
ارتباط الكتاب بالغيث يحيل على أشياء كثيرة منها أن الغيث من الله يروي قلوبنا العطشى ويسكنها بالحب والمودة، ثم لا يجب أن نحتكر ثمار هذا الغيث لأنفسنا بل نؤتي حقه يوم حصاده
الزمن يشكل جزءًا لافتا في المذكرات فتصبح كل لحظة في الرحلة قابلةً للضياع إن لم تحتضنها وتمسك بها بقوة وخشوع، كل يوم يزداد ارتقاؤك الروحي كلما أدركت حقيقتك وما أنت عليه الآن وما ستصبو إليه، أن تقوى الله هو معيار المفاضلة وما دون ذلك يذهب جفاءً
لكن صورة المكان كانت أوضح، كانت تسبغ كل شعور على تلك الأماكن، ترسم لنا صورة باللغة تتضمن ما تعيشه وقتها وما كان عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه بغية أن نقتدي بهم، نعتصم بحبل الله جميعا رغم الفتن ونيرانها المستعرة ورغم التشظي الذي يبعدنا عن بعضنا فننسى أنا خير أمة أخرجت للناس
شعرت بعمق التجربة ولم أكن أعرف منى أو مزدلفة من قبل
وددت لو حوى الكتاب صورا بين كل فصل وفصل لنقترب أكثر لكن للغة مزنة خصوصية جعلتني أرى بعين مزنة ما لن أراه بعيني أي شخص آخر
بعد أن أغلقت دفتي الكتاب سألت نفسي هل يمكن أن يكتب لي الله حجة يوما؟
هل سأكون قويةً وقتها؟