اقتباسات من رواية لا تتركني وحيداً

ابني يهتم بتفاصيل الأشياء ويتذكرها جيدا، يتذكر الطريق، هو لا يتحدث ولا يشير بيديه، لكني أفهم أنه يحفظ الطرق حين يميل برأسه تجاه الطرق التي نسلكها.‏ ‫ ‏لقد قضيت وقتا عصيبا وأنا أجيب على التساؤلات بكل دقة خلال الأيام المقررة .

- متى شعرتِ بوجود مشكلة ما؟‏ ‫ ‏- باكرا جدا، منذ كان صغيرا حين لم يكن يستجيب لصوتي عند المناداة.‏ ‫ ‏تم وضع العديد من الألعاب أمامه لكنه لم يعرها أي اهتمام، نادته المشرفة ليضع المكعبات فوق بعضها، ليلعب بالسيارة، لكنه لم يستجب.

سيكون موظفا ناجحا، قد لا يحب التعليم لكنه سيحب العمل مثل والده.‏

‫ ‏ومع ذلك أخذت موعدا مع مستشفى السلمانية الطبي وهاتفت عيادة الطبيب الذي نصحتني به دكتورة المركز الصحي.‏

اللعبة الوحيدة التي تجذبه هي "الخرخشانة" يمسك بها لفترة طويلة وبين الفترة والأخرى يقوم بتدويرها لسماع صوت الخرز بداخلها حتى أنه أصبح شديد التعلق بها ويرفض الافتراق عنها، وينام وهو ممسك بها طيلة الليل.‏

لمسافة القريبة التي تفصل قريتي جرداب بمنطقة سكنه مدينة عيسى، لقد بقيتُ طيلة الوقت أزورها وأقيم معها في المشفى لتلقي العلاج الكيماوي، لقد كنت معها دائما عدا لحظات ذبولها الأخير، ولذلك شعور النقص لم يبارحني.

أمعن النظر في كلمة "‏positive‏" أول الأشياء التي فعلتها هاتفت والدي وأخبرته بالأمر، فبكى معلقا:‏ ‫ ‏"لو أن والدتك موجودة لفرحت كثيرا".‏ ‫ ‏في كل أوقات السعادة التي نعيشها توجد لحظات من الكآبة لأولئك الذين غادرونا ولا نتمكن من إخبارهم . لقد توفيت والدتي بعد صراع مع مرض السرطان.

والصباح الذي يبدأ بوجه أمي يختلف كثيرا عن الصباح الذي يبدأ بقبرها.‏ ‫ ‏ثم أنطلق نحو العمل، أسلك الشارع بتكاسل، وترافقني أغنية "أحن إلى خبز أمي" لمارسيل خليفة، لكني أقطع الأغنية حين أصل إلى مقطع و"أعشق عمري لأنني إذا ما مت أخجل من دمع أمي👸

أبدأ بالكتابة، أكتب في دفتري الأزرق الطويل لأن الكتابة تسعفني في تحمل فداحة النساء اللاتي يصفنني بالشجرة اليابسة وكأن النساء اللاتي لم ينجبن يجب أن يمتن جميعا.‏ ‫ ‏أكتب عن الحلم الذي عشته في بداية مراهقتي تأثرا بالفلم الذي شاهدته،

الإهداء‏

‫‏إلى ملاكي الصغير يحيى‏

‫‏يحيى الذي علمني أن في الحياة ‏

‫‏أوجاعا كثيرة أكبر من أوجاع خذلان صديق أو خيانة حبيب.‏