"كُلنا نُضحي بأفضل ما نملك من حُب، بحثاً عن حُب أفضل."
رواية "سبع أكاذيب" للكاتبة الإنجليزية "إليزابيث كاي" ليست رواية غموض وجريمة ننتظر حلها، هي رواية نفسية، تُناقش بُعد نفسي للوحدة والعزلة والفقد وكيفية التعامل معهم.
فـ"جاين" لديها اضطرابات عديدة، تتناول الرواية تلك الاضطرابات وترصدها من خلال عائلتها وطريقة التعامل مع والدتها المُهملة ووالدها الذي هرب، وأختها التي تصر على إيذاء نفسها. تلك الاضطرابات لم تكن كفاية لـ"جاين"، فعندما شعرت بحلاوة وجود شخصاً ما من أجلها، هُناك شخصاً يهتم بها ويُحبها لنفسها قبل أي شيء، ذهب هذا الشعور بشكل مؤلم، فعادت لتلك الوحدة المقيتة، تلك الوحدة التي تجعل من خيالات عقلك المريضة، حقيقة تُدمر واقعك. أحياناً تذهب بك الوحدة إلى أبشع الطُرق، يائساً، تُحاول بشتى الطُرق أن تُحب، أن توجد، أن تجد من يسأل عليك ولو بكلمات بسيطة.. فـ"جاين" تخاف أن تموت فلا يعرف أحد إلا من خلال رائحة جثتها! يا للبؤس البشري.
فـوجدت ضالتها في صديقتها "مارني"، كما يجد الغريق في القشة أملاً!
تربطها بـ"مارني" علاقة صداقة حقيقية، من تلك العلاقات التي نادراً أن تراها، صديقان يفهمان بعضمها البعض دون حتى أن يتحدثا، فأعطت "جاين" كُل ما في إمكانها وقُدرتها في سبيل أن تكون تلك العلاقة هي حياتها، اهتمت بها إلى حد الجنون، وها قد أكتمل مثلث الدم، الوحدة والفقد والإهمال، وذلك ما أدى بـ"جاين" أن تكذب أولئك الـ"سبع أكاذيب"، فكما نعلم أن أكذوبة واحدة ليست بكافية، لكي تدعمها لا بُد من أخرى وأخرى وأخرى لتتوه في بحر واسع من الأكاذيب حتى تختلط عليك الحقيقة فتشك فيها.. الحقيقة بالنسبة لي كقميص رائع الجمال، والكذب كفتلة قماش، بمُجرد أن تسحبها ستجد نفسك قد حولت القميص بالكامل إلى مجموعة من الفتل الصغيرة قبيحة المنظر، وقد أفسدت القميص الرائع.
ختاماً..
هذه رواية من الطراز الجيد، تتحدث عن المرض النفسي وأبعاده وعندما يختلط بالوحدة والفقد والإهمال.. كُل ذلك في طريقهم لأن يجعلوك غارقاً في الشر.. وتُبرره بكذبك.