الدينُ مكوّنٌ عميق لماضينا وحاضرنا، متغلغلٌ في كلِّ شيء في حياتنا، لا يتحقّق فصلُ الدين أو وصلُه بحياتنا بقرارٍ نتخذُه، أو رغبةٍ عابرة، أو تذمّرِ البعض وانزعاجِهم من ممارسات مُستهجَنة تتخذ من الدين غطاءً لها، ومن اسمِ الله لافتةً تخدعُ الناسَ بها. يتعذّر طردُ الدين من حياة الناس، مهما أساء له أولئك الذين يتخذونه ذريعةً لسلوكهم المتوحش. الدينُ مكوّنٌ أساسي في الهويةِ، والبنيةِ اللاواعية في ذهن الفرد وثقافة المجتمع.
قراءةُ نصوص الدين برؤيةٍ تنتمي للتراث أهمُّ أسبابِ انسدادِ الآفاق المضيئة لفهم الدين، وتعطيلِ حضوره الإيجابي الخلّاق في حياتنا. يفرض الواقعُ إعادةَ تعريف الدين وقراءةَ نصوصه برؤيةٍ تنتمي إلى عالَمنا،كي تنتج المعنى الديني المتناغم مع إيقاعِ حياتنا ومتغيراتِها المتواصلة.
الدين والكرامة الإنسانية
نبذة عن الكتاب
هذا الكتاب محاولة في فهم الإنسان أولًا، ومعرفة شيء من طبيعته، واكتشاف احتياجه لمعنى وجوده، والوقوف على شيء من الدوافع المتضادة لسلوكه ومواقفه. لا يمكن أن نفهم الدين قبل أن نفهم الإنسان، وحاجة الإنسان لمعنى حياته، وحاجته للكرامة. موضوعات هذا الكتاب تلتقي وغيره من كتاباتنا المنشورة عن الدين، كلها تنويعات لرؤية واحدة، رؤية تحاول أن تتعرف على الدين، عبر اكتشاف الإنسان، وتميّزه عن غيره من الكائنات في الأرض بحاجته المزمنة للدين، وحاجته للكرامة، ووجود كل شيء من أجل الإنسان بوصفه الغاية، لأنه خليفة الله في الأرض. الإنسان غاية الدين، كل دين لا تكون غايته الإنسان ليس إنسانيًا. جوهر إنسانية الدين حماية الكرامة، لا كرامة بلا مساواة بين البشر، ورفض كل أشكال التمييز بينهم. كل دين لا يحمي كرامة الإنسان ويصونها ليس إنسانيًا. الإنسان وكرامته وسلامه وسكينته وطمأنينته وإسعاده غاية ما ينشده الدين. الكرامة قيمة أصيلة، حضورها يعني حضور إنسانية الإنسان، وغيابها يعني غياب إنسانية الإنسان. كل رسالة تحررية في التاريخ تستمد قيمتها ومشروعيتها من قدرتها على استرداد الكرامة الإنسانية المهدورة. المعيار الكلي لاختبار إنسانية أي دين هو كيفية تعاطيه وإعلائه للكرامة الإنسانية، والموقع الذي تحتله الكرامة في منظومة القيم لديه. إنسانية الدين تلخصها نظرته للكرامة بوصفها القيمة التي تستحضر كل قيمة إنسانية، قيمة تتسع لكل الحقوق الأساسية، وتضع الحرية غاية تتطلع لاستردادها على الدوام كاملة غير منقوصة، والخلاص في تعاليمها وشريعتها من أية محاولة لتسويغ العبودية المعلنة أو المقنّعة، والإكراهية أو الطوعية. الكرامة قيمة للفرد، تبدأ الكرامة بالفرد لتنتهي بكرامة الأمة، لا كرامة لأمة بلا كرامة لأفرادها. إن انتهاك كرامة أي كائن بشري هو انتهاك يطال كرامة غيره من البشر أيضًا. الكرامة قيمة كونية، لكل إنسان نصابه فيها، لذلك يفرض الضمير الأخلاقي على الكل حمايتها، كل حسب موقعه، ووفقًا لإمكاناته وقدراته.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2021
- 288 صفحة
- [ردمك 13] 978-614-472-175-9
- دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
77 مشاركة