روميو العراقي
تأليف
ميثم سلمان
(تأليف)
صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب العراقي، المقيم في كندا، ميثم سلمان، حملت عنوان "روميو العراقي"، ستُّ قصصٍ تتّخذ من العراق مسرحاً لتفاصيلها الواقعية، وإن بدت، سوريالية وهي تتبّع خطَّ سردٍ صادمٍ ليست مهمَّته مداراة بشاعة الذي حدث في حروبٍ تعدّدّت أشكالُها وتسمياتُها؛ وضحيتها الإنسان، حتّى وإن غيّرت مسرحها إلى حديقة عامّة في كندا. فالعنفُ هنا فعلُ إدانةٍ، مكتوب بحرفيّة عالية.
في مجموعته القصصية الجديدة يكتبُ ميثم سلمان قصصاً تروح وتجيء بين الحياة والموت، مثل حبالٍ متشابكةٍ لا هي بمأساةٍ نهائية، ولا هي بمنجاة، لكننا لا نملك إلا أن نتمسَّك بها. إذ لا خلاصَ من الرعب الذي سيطاردنا معَ كلَّ مشهدٍ أو حكايةٍ، وسوفَ نكونُ، نحن القرّاء، على موعدٍ مع كاتبٍ لاذعٍ مصيرهُ لم يتغيَّر، بتغيُّر الأزمنة، كما كان يعتقد. وسنرافقُ جثة روميو العراقي، وهو يسردُ حبَّه لليلى وكيف دسُّوا في جثته عبوةً ناسفة، بعد أن اقتلعت أيدي الظلام رئتيْه. حتّى الحلم بتحقيق رغبة أمِّه في تعليم دجاجتها الطيران والسباحة، سيكونُ كابوساً متسلسلاً تنهالُ على بطلهِ ضرباتُ السيوف. يطالعنا الوهمُ كحقيقة، بل أشدّ صلابةً منها، حين يكون مدعاةً للقتل.
هي قصصُ حربٍ أهليَّة، واحتلال واعتقال، وحبّ وتضحية، يمعنُ فيها ميثم سلمان، كما يأتي على لسانِ أحد أبطالهِ، في التفاصيل الصغيرة، دون إيحاءات، وإنَّما بلغةٍ تستدعي إليها الخراب لتحوِّله إلى مادَّةٍ قصصية مرعبة، فائقة الجمال في الآن نفسه. وحينها يصعبُ التنصّل من الواقع بكوابيسه وجرائمه، كما أحلامهِ التي تتدلّى من شرفات السرد، كنبتاتٍ منزلية تقاومُ العطش والإهمال والموت.
هناكَ أكثر من قصة داخل القصّة الواحدة، توليفة عجيبة من المشاهد المتسارعة، والمتداخلة، تنصهرُ في فعل الكتابةِ بطريقةٍ تذيبُ الحديد الصلب وتُبخّرهُ، انتصاراً للذاكرة والأثر والرغبة الملحّة في سرد قصص أشخاصٍ عاديّين، لم تكن حياتهم يوماً عادية. يستهلُّ الكاتبُ إحدى قصصه بمقولة لـ كارل يونغ، تقول: "إن العالم الذي نولدُ فيه عالمٌ موحشٌ وقاسٍ، وهو، في الوقت ذاته، عالم بالغ الجمال"، وربّما أراد الكاتبُ يقول لنا إنّ قصصه محبكة بهذا التناقض، حين يستوقفنا في بداية الكتاب، لنقرأها بعيونٍ مُغمضة كي نرى أحلامه أكثر وضوحاً.
"روميو العراقي" مجموعة قصصية جديدة للكاتب العراقي ميثم سلمان، صدرت في 96 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات"، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من الكتاب:
خرج مهنَّد من الغرفة، وعاد وبيده علبة مكياج نسائي. أَجلَسَني قرب شبَّاك الغرفة للاستفادة من ضوء شمس الظهيرة المتسرِّب خلال الستارة. وضع مساحيق التجميل على وجهي لإخفاء الشَّامَة وأنا جالس أمامه مسلوب الإرادة، حيث لا خيار لي غير الرضوخ. توسَّلتُ إليه أن يعيرني علبة المكياج، فقد أحتاجها لاحقاً. فوافق على مضض. حشرتُ علبة المكياج في جيب بنطالي الأيمن، وسحبت قميصي الأبيض من تحت الحزام، ليغطِّي زاوية العلبة الناتئة خارج الجيب. وضعتُ الهوية المزوَّرة مع علبة السجائر في جيب القميص تاركاً هويتي الأصلية عند مهنَّد الرسَّام.