01
و وقف أمام منزل الأغا و بصق. فقد اعتاد أن ينفس عن غضبه بنفس الطريقه. كان يخيل إليه أنه انما يبصق على تركيا كلها. و يتخيل انه يرفع راية صغيرة جدا من رايات الحرية و يتحرر و لو للحظة واحدة.
02
يقول لي انهم أيضا بشر مثلنا. انهم اخوة لنا. هذا كله جميل حين يقال في الكنيسة. و حين ينطق به القسيس من على المنبر في يوم أحد. أما أنت أيها الغر فلابد و أنك قد جننت تماما اذ تريد أن تطبق هذا الكلام عمليا في دارك.
03
و لكن أنبئني يا كابتن. ماذا لو كانت ديانة كل منا تسخر بنا؟ ان هذه الدنيا حلم. و الحياة خمر. يعب منها المرء و يسكر بها. لقد حار فكرنا. أنت تمثل دور الرومي ... و أنا أمثل دور الأغا التركي. دعنا من هذا. لا أخفيك القول .. ان هذا يحيرني.
04
ان أراد أحدكم أن يأتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها و من يهلك نفسه من أجلي يجدها. لأنه ماذا ينفع الإنسان اذا ربح العالم كله و خسر نفسه؟
05
هذا العالم سر غامض. و عقل الإنسان قاصر عن بلوغ حكمة الله في تدبيره لشئون خلقه. فالخلاص و الهلاك يأتيان من حيث لا يتوقع الإنسان. حتى اننا لا نعلم أي الطرق تؤدي الى الجحيم و أيها الى الفردوس.
06
أعداء الانسان أهل بيته. من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني. و من لا يأخذ صليبه و يتبعني فلا يستحقني.
07
و سأله هامسا:
-كيف نحب الرب يا أبانا؟
-بأن نحب الناس يا بني
-و كيف لنا أن نحب الناس؟
-بأن نقودهم إلى الصراط المستقيم
-و ما هو الطريق المستقيم؟
-الطريق الصاعد.
08
دع الله بعيدا عن هذا يا أبانا. لا تشركه في دسائسنا. أنت تفزع من القديس فوتيس. و أنا اكره مانولي. هذه هي القضية. فلا تشرك الألهة و العذراء المقدسة في ذلك.
09
نلت جزائي الذي أستحقه. لست حملا و لا ذئبا. بل لقيطا تعضني الذئاب و تبول علي الماشية. أنا أعرف جيدا طريق الحق و الصواب و لكني أسكت عنه. فالخوف يملأ قلبي. كيف لي أن أرفع رأسي و أنا البائس الفقير؟. إني أخاف .... و التتيجة ما ترون. وطئني أهل ليكوفريسي و أهل ساراكينا بأقدامهم دون أن تأخذني بهم رحمة. و هم على حق في ذلك. أقسم بديني أنهم على حق. و نلت جزائي الذي أستحقه.
10
صدقني يا مانولي لم يكن المسيح دائما و أبدا على تلك الصورة التي نحتها له يوما فوق الخشب. رقيقا وديعا مسالما يدير خده الأيسر لمن صفعه على خده الأيمن. بل كان محاربا صلبا عنيدا يسير في المقدمة و من ورائه سائر المعدمين على وجه الأرض. (لم آت لألق سلاما على الأرض بل سيفا ). كلمات من هذه؟ كلمات المسيح. و من الأن فصاعدا سيكون هكذا وجه ربنا يسوع المسيح يا مانولي.
11
هل لن ينفطر قلبه لما أقول؟ كيف يتحمل كل هذه الآلام و يرضى بهذا القدر من الظلم و يطيق كل هذه الوقاحة؟ ترى هل لن يترك أيقونته و ينطلق معي؟ ترى هل لن يسرج ألسنة اللهب و يمسك برقبتي و يرفعني ليجلسني إلى جانبه و ننزل معا إلى ليكوفريسي؟
12
أي طريق أسلك يا قسطندي؟ و أقصد من؟ الإنسان؟ هذا الكائن الدنس الذي يصيبه البلى و العفن. أم الرب؟ الذي يترك الأب لاداس يعيش و يثرى و يقتل ماريوري. أم نفسي؟ دودة الأرض التي تتلوى تحت أشعة الشمس و يسحقها حذاء.
13
هذا العالم يا أغا عالم ظالم لئيم. الأخيار فيه جوعى معذبون. و الأشرار شباع ينعمون بفاخر الطعام و الشراب. و لهم السلطان. يسوسون الأمور بغير وازع من دين أو ضمير أو محبة. عالم كهذا لابد أن يباد. فالظلم عمره قصير. سأنطلق بكل قوتي أجوب الشوارع و أعتلي الأسطح و أصيح بأعلى صوتي: تعالوا أيها الجوعى و المقهورون. تعالوا أيها الأبرار الصائحون. تعالوا لنتحد سويا و نضرم النار في أرجاء الدنيا لعل لأرض تتطهر و تخلص نفسها من الأساقفة و الأعيان و الأغوات.
14
لا جدوى يا يسوع. لا جدوى. مضى على صلبك ألف عام و لا زال الناس يقتلونك من جديد. أي يسوع ربي متى ستولد يا الهي و لا تصلب ثانية و لكن تعيش بين ظهرانينا خالدا للأبد؟