بكل تأكيد كتاب "شموع الجثة: وقصص أخرى" هو واحد من أفضل المجموعات القصصية التي قرأتها من فترة طويلة.
شموع الجثة هي مجموعة قصصية للكاتب "قُصقي فبك" وكُل القصص هي بوليسية بحتة، بجرائم قتل مُختلفة، وطُرق قتل رهيبة، ولأن أغلب الأحداث مكتوبة في زمن قديم نسبياً، لم يكن هُناك ذلك التطور الرهيب الذي يجعلك تعرف القاتل من لون جواربه!، فكانت الجرائم وطريقة حلها والكشف في غاية البراعة والجمال، مكتوبين بحرفية شديدة، لم أستطع أن أتوقع إلا قصة أو أثنان، ورغم ذلك كنت مآخوذاً بجمال السرد، والشرح للجرائم، والأنفس البشرية المُختلفة.
لن يُفتك طبعاً أن أغلب الجرائم بها جزء طبي، بسبب خلفية الكاتب الذي درس الأمصال، فستجد في أغلب القصص هناك سُم ينتظرك، أو طريقة الكشف عن المُجرم بطريقة طبية، بشكلاً أو بأخر.
ولن يُفتك أيضاً أن الترجمة رائعة، المترجم "ماهر الشربيني"، نقل روح القصص، فتشعر أن الكتابة في الأساس بلغة عربية، وليست مُترجمة أبداً، وهذه ليست أول سابقة لي مع المُترجم، ولن تكون الأخيرة، وأتمنى أن يكون هناك المزيد من الترجمات للكاتب الياباني، وسأكون طماع قليلاً، لا بأس بذلك، لو تمنيت أن تُترجم جميع أعماله، فالذي رأيته فهذه المجموعة القصصية يوحي أن الكاتب ضليع ومتمرس في مجال الكتابة البوليسية.
مع نهاية القصص ستكتشف عامل مهم جداً، وهو أن الإنسان هو أكثر الكائنات رُعباً في هذا العالم، وأن الرُعب الحقيقي ليس مُرتبط بالخوارق غير المرئية، ولكنه مُرتبط بوجودنا الشرس، الذي يجعلنا نلعب دور الإله، ونقتل بشراً أخرين، ونظن أننا أذكى من العلم، وأكثر غروراً، أنه لن يتم كشفنا، ولكن، هيهات، مهما طال الزمان، ستُكشف جريمتك.