■ مثل الأفلام الساذجة
(شذرات من شجون هائمة وشخوص تلوح)
اثنتان وعشرون قصة قصيرة، بها الكثير والكثير من اللمحات والإضاءات، مع متعة أدبية عالية.
المجموعة القصصية بديعة وتخلق زخماً جميلاً، والقصص ملهمة وعناوينها جذابة، تارة تحمل في طيات صفحاتها شذرات من شجون هائمة، وتارة أخرى تحمل في ثناياها شخوص تلوح من حكايات الحياة.
أبدعت الكاتبة في اختيار الأصوات، حيث استخدمت الراوي العليم ليروي لنا ١٢ قصة كان الحكي والوصف فيها هو المحرك الخارجي، بينما أسمعتنا أصواتاً ذاتية في ١٠ قصص كانت مونولوجاتها الداخلية هي الوقود اللازم لدفع الدراما.
لا يتسع المجال لتناول قراءات تفصيلية للقصص (ربما يتاح ذلك لاحقاً)، ولكن سأحاول أن أسجل انطباعاً موجزاً عن كل قصة:
☆ ثقب ضيق باتساع العالم ... عندما نكتشف أن الحياة تسكن خارج الثقب الصغير.
☆ خوف ... الخوف من الوحدة يدفع إلى الاختيارات البائسة، ثم إلى الزهد البارد.
☆ يقين ... حتى إن جاء اليقين متأخراً، سيمكنه إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
☆ انعكاس ... هل سنهرب من الشخص الساكن داخل المرآة، أم سنواجهه.
☆ غرفة فارغة ... البحث عن ونيس، ولا يهم إن كان وهماً أم اختلاساً.
☆ فجوة سوداء ... هل الحل هو الاختفاء في الحائط، والهروب إلى داخل الفجوات السوداء.
☆ رومبا ... الورقة وعطر الرومبا والندم، ورسالة اعتذار لم تُرسَل.
☆ مزيل عرق ... من رائحة العرق ورنة الهاتف تأكَدَت أنها ليست في حلم، فاستيقَظَت !!.
☆ شيطان أبيض ... نامت بعمق، استعداداً لبدء الروح الثانية مع القطة ذات السبع أرواح.
☆ عروس النبي دانيال ... عندما نحلم بمكان آخر وزمان آخر، حتى إذا كان هو العدم.
☆ مثل لوحة لإدوارد هوبر ... هل كان إدوارد قاسياً عندما حرمنا من الخيال في لوحاته.
☆ فتح المندل ... أقسمت عليكم، أيها الظل الأسود وأيتها الدقات المتداخلة، أن تعيدوها.
☆ صمت ... حين تسكت النغمات ويطبق الصمت، ثم تتحرك أوتار الموسيقى من جديد.
☆ ندبة... عندما نفقد الأمان بسبب لطمة الحياة، ثم يعود إلينا من ندبتها الباقية.
☆ صورة ... كان للقدم ملامح القسوة والبرودة، ثم أزالت الصور الجديدة كل شيئ.
☆ قالب كيك ... هو المعنى الحقيقي، هو أشهى من كل حلوى العالم المصطنعة.
☆ تفاصيل صغيرة ... رويداً، فالطفل الذي تحمليه على كتفك بلا ملامح، هو لم يولد قَط.
☆ قصة دينا ... لا أحد يتذكر دينا وقصتها، وهناك ألف ألف دينا منسية في كل مكان.
☆ زار ... تتبدل سيناريوهات القصة، وسط رجفات الذكرى ودقات الطبول وطقوس الزار.
☆ مثل الأفلام الساذجة ... حيرة وارتباك في كادرات مقطعة لفيلم، تبحث عن كلمة "النهاية".
☆ كشكول الاستيكرزات ... لم يختف، بل ذهب وراء باب "بانا" الخشبي مقابل نعمة النسيان.
☆ تسجيل قديم ... الاختيارات الخاطئة والشجاعة والشفقة، والتسجيل القديم.
استعملت الكاتبة تقنياتها وأدواتها ببراعة شديدة في كل قصة، سواء من ناحية اختيار الأصوات حسب متطلبات الدفع الدرامي، أو من ناحية اختيار مستوى اللغة الأدبية وشاعريتها حسب الموضوع والسياق، أو في طبيعة المفارقة التصويرية الخاتمة لها.
في الحقيقة هي مجموعة قصصية ممتعة واجبة القراءة.