منذ فترة وأنا أقرأ كتاب "ربما عليك أن تكلم أحدًا" لـ لوري غوتليب، وأتوقف كثيرًا عند فقرات مختلفة تجعلني لا أتوقف عن التفكير.. في تلك الليلة كان الفقرة التي توقفت عندها عبارة عن سؤال يقول:
"ما الذي يحملك على الاعتقاد بأن الحياة يفترض بها أن تكون عادلة؟"
وفي نفس التوقيت وصلني إشعار عن رواية "السيدة الزجاجية" كاقتراح من أبجد لكتاب اليوم بتلك الجملة:
"في «السيدة الزجاجية» تبدو الحياة غير عادلة في أوقات كثيرة، لكن «ثومة» تقرر تحدي ظروفها... فهل تسحقها الأيام أم تنجح في ترويض العالم من حولها؟"
كانت بالنسبة لي دعوة صريحة للقراءة في هذا الوقت بالتحديد .. وبدأت..
على الرغم من حبي "للمعاناة وضيق التنفس" :D وقرائتي الكثيرة للروايات ذات الطابع المأساوي إلا أنني لم أستطع تخيل إلى مدى يمكن أن يصل الحال بثومة.. وفي نفس الوقت لم أتخيل صمودها لهذا الحد وربما كانت ستصمد أكثر
وهذا جعلني أتساءل ما سر هذا الصمود ومن أين لها بهذا الصبر؟
أبسبب جهلها وعدم اختلاطها بالعالم؟
أبسبب آدم ذلك الطفل الذي لا حول له ولا قوة؟
ولماذا لم تختر طريقًا أسهل ولو حتى بمحاولة الوصول لعمها؟
كنت أبحث بين سطور الرواية عن احساسها باليأس والقنوط الذي يمكن أن يصيب أي شخص في مكانها.. أو حتى يصيب أي إنسان لم يتعرض لنصف ما تعرضت له.. ولكني لم أجد ما أبحث عنه.. حتى وإن تساءلت داخلها في وقت ما فلم يتملكها الشعور كثيرًا وكأنه لم يكن..
هل تصدق أنني شعرت أنني أحسدها على هذا الصمود برغم كل ما تعانيه؟؟
"يموت من لا يريده أحد"
وثومة لم يردها أحد بصدق وسحقتها الأيام بكل قوتها رغم كل محاولاتها للاستمرار.. ورغم ذلك هي فعلًا سيدة زجاجية نرى فيها انعكاس هشاشتنا وضعفنا واستسلامنا الدائم والمبكر
الحياة ليست عادلة حقًا، ولكننا أضعف من أن نواجه أو نقاوم مثلها حتى في اصغر المواقف، نحن نختار الطريق الاسهل عكسها.. نختار الاستسلام والحزن والبكاء على الإطلال.
أحببت الرواية، فأنا أحب الرواية التي تجعلني أشعر بأبطالها وتدعوني للتفكير في حالي وأحوالي وأحوال البشر.
رواية سردها جميل بسيط سلسل بلغة عذبة، احداثها تعتبر سريعة تجعلك تجري خلفها لتعرف إلى أين ستصل.
26/2/2022