والشجر إذا هوى
بعض القصص والروايات نقول طمعًا "لو أنها لا تنتهي" إرادة تدفعنا للتوغل في هذا العالم، في وادي العيص تحديدًا، لنوقف مجريات الحياة المروية عن السير إلى المنعطفات التي نقرأها، والكثير من "لو" تشغل بالنا نود حقًا لو نرى غير الذي نتخيل، لا تطاوعنا الحكايا ولا تكفينا الرغبات لتغيير أي مجرى، حاول كذلك سهيل طوعًا وحاول بفنه، أرغم كتاباته لكن لا جدوى ولا حنيفة.
أربعة فصول واثنا عشر شهرًا قسمت على أسابيع والأسابيع فترات، نجوم وكويكبات، سقوف من الأماني حدها السماء وسقوف من دعن كان حدها رغبات لم توفى شهوات لا تعرف البقاء على حال، طمع يهلك الحرث والنسل، "أفعى كبيرة تلتهم الوادي"، فمن يجيد إيقاف الأفعى إن كانت الخصم والحكم!
الشتاء، تعاريف عديدة "البلي" يجد نفسه ويحاول ترسيخ مكانه، ماضٍ شهده الجميع ولم يعترف به أحد ليالي طويلة وحيرة تملأ المكان ولا أحد عرف أو يعرف كيف، غافة ترصد كل الأسئلة والنجم يوثقها، كل الأيام تتوالى في شيء يبدو كالسكون ولكن الحركة دؤوبة في كل الأرجاء والرصد بدأ مع النعائم ظهر في أواخر الفصل سعد ذبح وسعد بلع، والغنائم في يد من يستحق والحسد في قلب النكّاس.
الربيع، وسعد السعود كان بيانه، كانت خفته مريحة على القلب وبريحله حيكت المكائد، تبختر فن الميدان وازدان علم الأفلاك والمخطوطات تعقد مشاعرًا بين النجمة والشجرة (سهيل وحنيفة)، كل الستون من الربيع كانت بين حصاد وتكديس وأخبئة سعد أظهرت الماضي وبينت الحاقد من السليم، أعطت أول علامات وصول الأفعى من يا ترى أجدى بالشكر ولما؟ مقدم يأتي ومؤخر رحل والرشا تبلغّ بقرب بالصيف وبطين يُظهر الماضي ويعيده بكل ما فيه النار ووقودها ومبروكة الملعونة.
القيظ، تسطع الثريا في سماء لن ترضى عن ما يحدث تحتها كل الأحلام تؤول إلى التبخر والرحيل والحاجة تدل على الذلة، فكل الوادي يستفيد من سطوة أحدهم، يقاد الوادي سائرًا إلى هلاك لامع والطبوب طرب يخدر الوادي، كل المطالب تعجيزية والكل الحاجات ملحة والميدان فيصل الهواجس وسيف اليقين وصفعة لم تكن في محلها أو أخطأت توقيتها المناسب، التفاتة لأمر يصنع الوجل وعزة لم يثنها العرق أو يعيبها الأصل، ولكن من ذا الذي يستطيع إيقاف "أفعى كبيرة تلتهم الوادي"، يطول القيظ ويظهر الجشع في المعاملات، طريقة أخرى لنيل عمالة جديدة و"الطني" ذريعة.
الصفري، رحيل موجع للسنة والأحوال لم يراد لها هذا المآل، كبرت الأفعى وصارت تجول بأنيابها السامة تقتل كل أمل باقي لوادي العيص حتى الشاهدة على أيام وادي العيص الجميلة والكئيبة والصعبة والمباركة كل وادي العيص كانت أحلامه هنا وأيامه هنا ونجواه هنا أيضًا تلك الجذوع حملت الذي لا يحتمله البشر في الوادي وسهيل رغم جلده لم يحتمل أيضًا هذا كله فتمنى لو أنه شجرة، ولكن الشجر هوى.
ساهمت رسائل حنيفة وسهيل في تكوين سير القصة بشكل يجعل القارئ لا ينفك عن ارتباطه بكل النجوم والأشجار، فكلها حمل أحداث السنة وكلها خالط البشر وأحوالهم الكيذا والحناء والثريا والرشا وسعد السعود وسهيل والشعرى، رحلوا من آمنوا بالحب ف"بنت الخواضة خواضة" رحلوا بطيبهم وبقيت النجوم رغمها بعد نورًا يبث شيئًا من الأمل شيء قادم وشاهد على كل ما حدث، وكذلك بقى الشجر في كل غصن في كل كرم يستحقه ويرعاه.
سعد بن عماد