تعالوا نعود إلى الماضي البعيد ونعيش ملحمة تاريخية سطرها الجنود المصريين تحت قيادة القبودان حسن الإسكندراني إبان الحُكم العثماني لمصر.
فجأة تجد نفسك مطالب بخوض حرب لمصلحة الدولة العثمانية التى تحكمك ضد القيصر الروسي الذى أصبح بين ليلة وضحاها عدو للباب العالي العثماني بعد أن كان حليفاً بالأمس القريب.
كلا الطرفين أذاقوا المصريين كافة أشكال التنكيل والذُل والاستعباد وانتهاك الحرمات وقتما كانوا حلفاء ، وانت كقائد عسكري مصري لديك ثأر شخصي عند الروس وما فعلوه بأهلك وفى نفس الوقت مطالب بخوض حرب لمصلحة من يستعمرك ويعتبرك مجرد ولاية تابعة ويحتاجك لكى تنقذه. مأزق صعب جداً وتجد نفسك بين شقى الرحى.
مغامرة مثيرة ورحلة تاريخية بديعة قدمها الكاتب بخياله ورحل بنا من مصر إلى الآستانة وعشنا معه حرب ضروس كان الثمن المدفوع فيها غالياً جداً.
أجمل ما فى الرواية هو احساسك بزمنها. مصطلحات وتعبيرات هذا الزمن ومفرداته وطبيعة الحياة فيه ، كل هذا نجح الكاتب فى توصيله بدرجة عالية من الكفاءة.
السرد بالفصحى أما الحوار فكان بالعامية وقد كان اختيارها موفقاً جداً فى رأيي وهو الأنسب والأفضل مما لو كان بالفصحى. نموذج لمتى يكون استخدام العامية فى محله بالضبط.
الأحداث تسير بك بنعومة وسلاسة ولا يوجد حشو أو مط وتطويل يهدف إلى الاستعراض الفارغ أو زيادة عدد الصفحات.
نقطة اخرى مميزة هى أن الكاتب - مسيحي الديانة - قام بتأريخ فترة زمنية تحت الحكم الإسلامي وقدمها بطريقة محايدة جداً واستشهد بآيات من القرآن الكريم والإنجيل فى مواضع مختلفة من الرواية. كذلك قدم صورة واضحة لا لبس فيها عن حقيقة هذه الحرب التى تم إلباسها عباءة الدين - من الطرفين المتصارعين - لإيجاد مبرر لها وفى الحقيقة المبرر الوحيد هو شهوة الإستعمار والسيطرة مهما كلف الأمر من دماء أُريقت وأعراض انتُهكت باسم الدين.
الرواية جميلة جداً ويجب أن تنضم لمكتبتك إذا كنت من محبي الروايات التاريخية والملحمية.