المسألة الشرقية
تأليف
مصطفى كامل
(تأليف)
اتفق الكتاب والسياسيون على أن المسألة الشرقية هي مسألة النزاع القائم بين بعض دول أوروبا وبين الدولة العلية، بشأن البلاد الواقعة تحت سلطانها، وقد قال كتاب آخرون من الشرق ومن الغرب بأن المسألة الشرقية: هي مسألة النزاع المستمر بين النصرانية والإسلام، أي مسألة حروب صليبية متقطعة بين الدولة القائمة بأمر الإسلام وبين دول المسيحية. إلَّا أن هذا التعريف وإن كان فيه شيء من الحقيقة، فليس بصحيح تمامًا؛ لأن الدول التي تنازع الدولة العلية وجودها لا تعاديها باسم الدين فقط، بل في الغالب تعاديها طمعًا في نوال شيء من أملاكها، وقد أرانا التاريخ أحوالًا كثيرة لم يُستعمَل الدين فيها إلَّا سلاحًا أو وسيلة لنوال غرض جوهري، فهو ستار تختفي وراءه أغراض شتى وأطماع مختلفة. والذي يراجع تاريخ الدولة العلية، ويقلب صحائف أمورها من أول وجودها إلى اليوم؛ يرى أن المسألة الشرقية نشأت مع الدولة نفسها؛ أي إنه منذ وطأت أقدام الترك ثرى أوروبا، وأسسوا دولتهم الفخمة، فقام بينهم وبين بعض الدول الأوروبية النزاع الشديد، ودارت الحروب العديدة.