لا تعلم زهرة على وجه التحديد من أنشأ أول عشة صفيح في ذلك المكان. ما الذي دار في رأسه حينما جمع ألواح الخشب مع الصفيح في تلك الأرض الخالية التي ستصبح بعد سنوات شبكة عنكبوتية من الممرات المحشورة بين الأكشاك. تتخلل الأكشاك صنابير مياه وقنوات ضيقة مفتوحة للصرف الصحي. في الشتاء تغمر المياه كل شيء لتصنع خليطا طينيّا من التراب والقمامة، ومخلفات الصرف الصحي تغمر أرضية الأكشاك. وحدهم من بنوا سكنهم بدرجات سلم، مَنْ ينجون من ذلك الطوفان.
من بعيد سمعت صوت سارينة الشرطة وصرخات النسوة وكثيرا من الأحداث التي أصبحت شبه يومية لطردهم من بيوتهم. قطعة الأرض الخالية التي يسكنونها، قرر المحافظ الجديد جعلها شارعًا عريضًا يبدأ بالسكة الحديد وينتهي بالبحر.
مساكن الأمريكان
نبذة عن الرواية
الشبح القادم من بعيد خلف سحب التراب تراب الخريف المختلط برائحة الدخان ،بجلده الباهت و عيونه الذاهلة،كان يحرك السيف بين السماء و الأرض ليصنع خدشاً عرضياً على صف السيارات المركونة و يرفع السيف ليعاود الكرة. استيقذ كل سكان الشارع الجديد على صوت الخدش و طلوا برؤوسهم من شرفات العمائر العالية بروائح الطلاء الجديد ليتبخر الشبح في ثوانِ مخلفاً دهشتهم التي ستتحول إلى لا مبالاة مع تكرار زياراته الليلية. انطلاقاً من حقيقة ان الإسكندرية ليست مدينة واحدة،بل أكثر من مدينة و اتكاء على صورتها في التسعينيات قبل أن يطالها هدم الكبائن و إزالة الكازينوهات و توسعة طريق الكورنيش ،الرواية عن الإسكندرية الحقيقية التي لا يعرفها الكثيرون ،الوجه الآخر للمدينة توثيقاً للتفاصيل الحية لمناطقها الداخلية ،كما ترصد مرحلة تغير المكان في تلك الفترة بالتوازي مع التغير الذي حدث لسكانه . تحكي "مساكن الأمريكان" عن انسجام اهل المدينة مع صورتها القديمة ،و انفعالاتهم بصورتها الجديدة و محاولة تأقلمهم مع الفجوة الني خلفها الزمن بين الصورتين .عن الطبعة
- نشر سنة 2021
- 126 صفحة
- [ردمك 13] 9789770937075
- دار الشروق
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية مساكن الأمريكان
مشاركة من إبراهيم عادل
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Mohamed Osama
#ريفيوهات
" مساكن الأمريكان......عشوائيات البشر والحجر"
في الوعي الجمعي لدينا حينما نسمع عن المناطق الشعبية أو العشوائيات بالتحديد نتأرجح بين الجو العام المليء بالقذارة أو الشجارات التي لا تنفض فضلا عن باعة المخدرات أو الشحاذين المقهورين لأجل لقمة يسيرة إلى آخره من تلك المظاهر المنفرة، وبين المنطقة المحلاة بصفات المروءة والإيثار "الجدعنة والشهامة" إلى آخره كذلك، وبين الناحيتين -اللذين لا يعبرا عن الحقيقة إلا جزءا خجولا يزيد الأدرينالين للمشاهد أو يكتفي بتسليته- لا نرى قاطني هذه الأحياء بصراعاتهم وتقلبات أنفسهم وزمانهم وأحلامهم المستترة داخل روتين ظاهر للجميع بأنهم مستورون والجواب يظهر من عنوانه" يشبه نظرة المذيع في حكاية أم صباح بمجموعة تحت السرير للكاتبة إيناس حليم"، ولكن هذه الرواية تتفق مع بعض الروايات الأخرى في كشف ما خفي من العنوان.
--الفاعل مفعول به "على خطى الإيذاء"
بالنظر لشخصيات الرواية المقسمة على جزئين، نرى بوضوح كيفية تحرك الشخصيات وامتلائها بالمشاعر تجاه بعضها، نراهم مجملا "بما فيهم سعاد وعلي وهناء" مجرد ردود فعل لا لوم عليها، بل من غير هذا الأذى "كما يصنع علي في يديه بالموسى أو شعور سيد بالاختناق من زوجته أو من علي" لا يعتقد أن يعيشون يوما آخر، أو يعتبر يومهم مشطوبا، وبهذه النظرة نرى أن الإنسان في هذه البقعة مسير يتقبل الأذى من يومه بصدر رحب.
- لكن إن نظرنا إلى سعاد بمقارنة -ربما تكون غريبة- مع قابيل صاحب الجر.يمة الإنسانية الأولى نجدهما في بداية الأمر جبلا على أشياء وفق ظروف الحال " كما جبل آدم وذريته وكالعرض المهين من الأخ للزواج نتيجة الفقر أو جرها في القطار" إلى وقوع صدمة تهز العقل"جمال أخت قابيل وزوجة سليم الثانية" ووفق تراكمات جمعت على العقل "كما يجمع العفن على الرصيف وفق تصور سليم" ومع الوسواس، يحتار العقل بين سبيلين إما الرضا والتسليم بكونه رد فعل أو صنع فعل لا يدري أيقع تحته أم يرفعه.
-ورغم اختلاف مقدار القوة "والتي حركت قابيل" اتفقا على مصير واحد، فلا يختلف ما صنعته سعاد في محو شخصيتي ابنائها "سيد وزهرة" بل وقت.لها بذكر الدمامة الموروثة أو عدم مراعاة المشاعر الخاصة بهم على حساب علي وملاحته، بل علي هو الآخر أصابه أذاها فاستغلت شتاته الجنسي بالإخفاء أو رمي التهمة، فصاروا شخوصا ميتة وباءت كما باء قابيل بالإثم.
-وفي الجزء الثاني لا نجد علي يحل محل زوجة أبيه، فهو كما قلنا رد فعل ميت، لكن مرضه وشتاته وتدليل زوجة أبيه وإنصافها تحولا لطاقة رعدته الأخيرة والتي تكفي بأن ينظر سيد للشقة الفارغة حذرا عندما يجد صورة علي في التلفزيون أو يخفي خبره عن هناء زوجته وفضلا عن كون تلك الرعدة تصيب نفسه أولا قبل اخوته
--حرية على حبل غليظ
- بالتقارب مع بورتريهات الكاتبة إيناس حليم "حكاية سلم خشب" والرواية يتضح الشيء المشترك وهو حلم البراح، يعني أن كل الشخصيات "كما يحلم الحارس بأن يتخلى عن برجه" تتباين في حلم حريتها وراحتها بعيدا عما ينغصها والتي تمثل النهايات السعيدة لمسيرة الشقاء لهم، كسيد الذي يحلم بأن ينتهي العالم إلا من أخته وزوجته، وعلي الذي يحلم بالابتعاد عن المساكن، فضلا عن وجود شخصيات تتواضع بأحلامها لتتكيف مع واقعها، كزهرة التي تتمنى وضعها بسلام، وهناء التي تتمنى الإنجاب، أحلام بلا شك لكنها لا تعدو قدرها إذ أنها لا تنافس الروتين اليومي "عد سيد لخطواته ووصفات هناء اليومية" ولا تنفذ من متاهة الحياة "كمتاهة عزبة الصفيح"
- ولكن مع أول ضربة معول "صدمة" ينكشف الواقع بمرارته، وبفضل الذاكرة التي أجادت وصفها الكاتبة والتي تنفتح بمجرد السماع أو الشم، تصير تلك الشخصيات معلقة بين الواقع بأحكامه والأحلام التي تتهاوى، وبما أن بمقدار التطلع تكون كلفة الواقع، تتفاوت مصائر الشخصيات من هرب مؤقت كزهرة وهناء لانهيار عصبي وصدمة دائمة لعلي، إلى لا مبالاة وراحة كسيد .
--صورة كاملة "روابط"
-لو مزجنا تلك الرواية مع رواية بنات الباشا للكاتبة نورا ناجي "بالتحديد في شخصية منى وفلك وفي الصراع بين القديم بأصالته صاحبة الذكرى والحديث بالمباني الخرسانية المرصوصة" نرى صورة متحركة تصف ما آل إليه حال المدينة كما نرى في الوصف المتتابع في الرواية إلى وصف منى في الرواية الأخرى، ونرى أيضا صورة تناقش الميول والشتات المحيط بمنى وعلي على سواء بدون ابتذال، وكذلك رؤية تمزج فلك ومنى في جسم علي بكونه ناتج من مزج الدلال بالقسوة، إلا أن في حالته وسقوطه في واقعه لم يجد نادية تصنع له أملا، وهذا مكمل الصورة.
-
إبراهيم عادل
مساكن الأمريكان .. صورة حية لإسكندرية الأخرى
في روايتها الأولى تقدم هبة خميس صورة واقعية حيّة لعالم العشوائيات في مدينة الإسكندرية، التي طالما تغنى بها الكتاب والشعراء باعتبارها المدينة التي تجمع الجنسيات والثقافات والحضارات، هنا صورة أخرى لهذه المدينة تركز على الجوانب المهمّشة غير المألوفة ولا المعروفة، عالم آخر معقد ومتشابك يسعى فيه أبطاله للحصول على لقمة الحياة بالكاد، ويصارعون توغل المدينة التي لا ترأف بحالهم بل وربما تقضي على ما بقي منهم تحت أنقاضها.
استطاعت الكاتب أن تجمع في نوفيلا قصيرة (120 صفحة) قصة حياة وتفاصيل ثلاث عائلات تقريبًا، عرفنا من خلالهم سيرة خمس شخصيات متباينة زمانيًا ومكانيًا، يحمل كل واحدٍ منهم همه وهواجسه الخاصة، بداية من علي البطل/ الشبح الذي يطل علينا من الصفحات الأولى، وعلاقته الملتبسة بأخيه، واعتباره سبة يريد التخلص منها، إلى سيد الأخ الكبير الذي لم يحصل على حنان أمه بسبب ذلك الأخ ثم زواجه من هناء ورغبته في الاستقلال بحياته بعيدًا عن عائلته القديمة، مرورًا بهناء التي تسعى أن تبالغ في حساب كل أمور حياتها وتسعى لأن يمضي كل شيءٍ وفق حساباتها إلا أنها لازالت مؤرقة بين الرغبة في الإنجاب وبين الهرب من هذه الحياة التي لامتنح إلا المزيد من القسوة، وأخته زهرة التي تطرد من بيت حماتها ولاتجد سبيلاً للعيش إلا بينهم!
هنا حديثٌ خالص عن إسكندرية الأخرى، تحتل فيه العشش الصفيح وتركيباتها العشوائية مكانًا بارزًا، ويحضر البسطاء والمهمشون بتفاصيل حياتهم اليومية المعتادة، فيما يحضر البحر فيه على استحياء!
بعد أن تعرفنا على الأربعة (علي وسيد زهرة وهناء) تعود بنا الكاتبة بذكاء وانسيابية إلى الماضي، فنتعرف على الأب والأم (سليم وسعاد) القادمين من الأرياف بحثًا عن فرصٍ أخرى للحياة في المدينة التي تجذب إليها الجميع، كيف بدأت حياتهم وإلى أين انتهت!
لم تهتم الكاتبة كثيرًا بتحديد الملامح الزمنية التي سارت فيها أبطال قصتها، ولكنها استعاضت عن ذلك بإشارات شديدة البساطة والدقة، مثل وصول المحجوب محافظًا للإسكندرية، والزلازال الذي سيؤثر سلبًا على أبطال الرواية، أو أصوات المغنيين في الماضي حيث تحضر فايزة أحمد، وعمرو دياب في وقتٍ آخر، إلى غير ذلك من الإشارات.
في النهاية نحن إزاء نوفيلا قصيرة، مكتوبة بحرفية شديدة وتكثيف متقن تحسد عليه. تعد في وجهة نظري درسًا من دروس كتابة الشخصيات بشكلٍ حيادي، يقدّم كل شخصية بدون أن يتورط في التعاطف معها أو تمثيلها بشكلٍ مطلق، مهما كانت بالغة الدرامية والتعقيد.
تجدر الإشارة إلى أن لهبة خميس مجموعتين قصصيتين سبقتا هذه الرواية، ربما لم يتم الالتفات إليهما كثيرًا، حصلت الأولى "من نافذة تطل على الميدان" على جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2011 والثانية "زار" على جائزة ساويرس الثقافية عام 2019
-
mostafa sherif
فى رواية بديعة التفاصيل، تقدم الوجه الاخر، رواية عن التحوالات، فى عالم المهمشين، فى رواية " مساكن الامريكان " تقدم هبة خميس، إسكندرية اخرى، فهنا كائنات القاع، تحيا فى استسلام، ولكن تاتى لحظات للتمرد، أو التعلق بموجات التغير العاتية. هذه رواية "أصوات"، يغيب بعضها، ويعلو الاخر، ولكنها تحيا فى مجتمع، لايعترف بالاصوات الخافتة!
رواية متميزة، وسرد محكم، برغم صغر حجمها، الا انها تعبر عن عالمها جيدا، فى لحظات حرجة من عمر الاسكندرية.
-
Mohammad zohny
مشكلتي مع الرواية أنها عن مكان، لكن الأحداث لا علاقة لها بهذا المكان. كل ما حدث قد يحدث في مساكن الأمريكان أو أي عشوائيات أخرى في الإسكندرية أو القاهرة.