بداية موفقة لقراءات العام الجديد.
لأسبابٍ مزاجية بحتة، أحب قراءة الشخصيات السوداوية، المِسقامة، المُقبلة على المصائب بدوافع واهية.
❞ هذا ما أرغب فيه أنا، أن لا تؤثر عليّ الأشياء. أن أستطيع العيش في استقلال حقيقي عن الظروف والحوادث. مثلك أنت. بعيدًا عن الخير والشر. أنا إنسان، إنسان زيادة عن اللزوم. ❝
تختزل هذه الفقرة الفارق الجوهري بين بطل الرواية القاتل المتسلسل، وضحيته المرتقبَة. هذا رجل لا يخضع لمنظومة الخير والشر، يحلو له الوقوف في المنطقة الرمادية بينهما، لا يكترث للعواقِب والمآلات، ينصب عينيه فوق الهدف، ثم يرسم طريقًا يُفضي إليه، بمعزل عن المشاعر الإنسانية.
رجل مِسقام غير شكَّاء، لا يدري أن أخطر أمراضه هي التي لم يستطع استكشافها، وإن اكتشفها لن يتمكن من الحديث عنها.
لوحة البؤس التي رسم تفاصيلها من حيوات مشاهير، تكالَبَت عليهم الأمراض والعثرات وسوء الطالع، كانت بديعة جدًا، لم يكن الرابط بين فصول الرواية حدَث أو شخصية، بقدر ما ربطها المرض الذي ظلَّ يُطارد الجميع بلا كلل.
أتت النهاية استكمالًا للدائرة التي رسمها السيد "م. ي." كانطي الطبع بالطبشور، وحبس نفسه بداخلها.