عندما يجذبك غُلاف لرواية ما، أمامك طريقين لا ثالث لهما؛ أما أن تكون خُدعت بالغُلاف الرائع الذي يحتوي على رواية رديئة، وأما أن تجد رواية غُلافها الرائع، ليس أروع ما فيها.
ورواية "شر" من النوع الثاني بكل تأكيد؛ فهي رواية كانت قادرة على جذب إنتباهي، وتشويقي، وجعلي مُتحمس لإنهاءها في أسرع وقت، رُبما عانت الرواية في البدايات قليلاً لإرساء قواعد المكان "باراديس شيل"، وأيضاً فرد مساحة للشخصيات للظهور، فكانت البدايات مُربكة قليلاً؛ حتى تقريباً بعد أول 100 صفحة، بعد ذلك تشكلت الأمور وكأن الرواية كانت تستوي على مهل ونضجت.
رواية "شر" هي رواية تشويقية، لن أقول رُعب لأن أول ما يبدر إلى ذهنك عند ذكر كلمة رُعب أنها رواية مُخيفة وتتملأ بالمشاهد الدموية، ولكنها قادرة على إرعابك في بعض الأوقات مثل: مشهد الجثث المُتساقط في الكهف، أظن أن هذا المشهد سيظل في ذاكرتي لفترة لا بأس بها. فهذه الرواية ليس هدفها الرُعب أبداً، بل هناك أهداف عديدة، نجح الكاتبان في إحراز العديد منها، الجانب النفسي للشخصيات مرسوم بدقة، الجانب التصويري والوصفي للبلدة، الجانب الما ورائي كان لا بأس به وإن كان غير محكوم قليلاً وخصوصاً في ثلاثة نقاط: شخصية "ماريا"، كيان الشر نفسه، والنهاية بالطبع التي لم تكن في أفضل أحوالها رغم أنه يُمكنك أن تتغاضى عنها لأن الرواية قد أمتعتك خلال صفحاتها.
لا أعلم كيف يكتب كاتبان رواية واحدة صراحة! ولكن أعلم أن تقنية تعدد الأصوات قد ساعدتهم كثيراً وكان اختيار موفق؛ فلم تشعر أن هناك خلل في تصور الأحداث من منظور الشخصيات، والشخصيات على عددها الكبير نسبياً، لم تشعر بإنك تائه وسطهم، ولكنك ستكون على دراية جيدة بكل الشخصيات وعلاقتهم بالأحداث.
بالطبع لن أستطيع أن أغفل الرمزية الواضحة والمُستترة في القصة، رمزية الدماء، والقتل، وكيف أن العائلات المؤسسة استخدمت نفوذها لتتجنب القتل، والهروب من الطقوس الدموية، فكرة الشر نفسها وكيف تجسدت مثلاً في كُل الشخصيات -نعم فأغلبنا بداخله جانب شرير- ولكنها كانت جلية في شخصية "مارجريت ستروم"، والتي حتى بعد فهم دوافعها، قد يراه البعض بطلة، وقد يراها البعض خائنة، إنها معضلة البشرية وتقلباتها، ولكن عندما نعلم أننا جميعاً بشر نتصرف وفقاً لتفكيرنا وأولوياتنا، قد يرى البعض في ذلك شراً. غريب أن كلمة "بشر" تحتوي على كلمة "شر"؛ أليس كذلك؟
ختاماً؛
رواية "شر" مُمتعة في أحداثها، ومشوقة جداً، تحمل العديد من المعاني والرمزيات، ولكن الأهم بالنسبة لي كانت إنها نجحت في جعلي أدخل في عالم الرواية وأندمج وأصبح جزءاً منها وأتفاعل معها وإن كانت النهاية لم تأتي على قدر الأحداث ولكنها ما تزال رواية جيدة ومُحكمة في أغلب أجزاءها.