اقتباسات من كتاب عن قرب - قصاصات عني وعنك وعن الحياة

وفي رائعة فروزن، نجد أولاف وهو يذوب يقول: «بعض الأشخاص يستحقون أن نذوب لأجلهم» وبالطبع لا يعني التعاطف التأذِّي بل أن يجد الآخر صدى أنينه في قلبي.

وهو: «هل لنا الحقُّ في التفاهة؟!» هكذا طرحته على أحد مرضاي، والذي كان مثالًا للجد والاجتهاد لدرجة أنه نسيَ أنْ يستمتعَ بشيءٍ من التفاهة! وأعني بالتفاهة هنا: الأنشطة التي لا تهدف لشيء سوى الحصولِ على قدرٍ من المرح والبهجة،

«كل راحة تبدأ مع التسليم. ودونَ التسليم لا يحدث شيء!»، هكذا يرى المدمنون المجهولون معنى التسليم، لكن للتسليم عدة معانٍ، وما يعنينا هنا هو أن نسلّم رغباتنا وشهواتنا وإرادتنا لإلهٍ محبٍّ عطوفٍ يديرها لنا.

أنت الراحل والرحلة؛ فسر منك إليك، وأنا أعلم الليالي الليلاء التي جعلتك تتساءل عن كل شيء أجبته هنا بين ثنايا هذه الصفحات؛ ولذا فرسالتي على هذه الطريق زلِقة أن هاك يدي؛ فتوكأ عليها وليكن لك منها مآرب أخرى!

يوجد طريقةٌ للتعافي حتى من أكثر تجاربنا المخزية، والجواب هو التعاطف، التعاطف هو ترياق الخزي، كما لو أنه أشد أنواع السموم، يجب إبطالُ مفعول سُميّة الخزي بمادةٍ أخرى إن كنا هادفين لإنقاذِ المريض، إن التعاطفَ هو الشيء الوحيد القادرُ على إبطال مفعول الخزي.

أنت الراحل والرحلة؛ فسر منك إليك

الألم صادر عن غريزة، يدفعنا لوقفِ ضررٍ أو القيام بإصلاح؛ لذا كانت المعاناة ألما لم نستطع تلمُّس نيِّته في دفعنا للإصلاح والشفاء.

وأنه لا يوجد شيءٌ مرفوض بالكلية؛ تذكر أن المصادقةَ لا تعني الموافقة.

إن التعاطفَ هو الشيء الوحيد القادرُ على إبطال مفعول الخزي.

لكن العقبةَ تتكرر؛ إننا نخلط بين القبولِ والرضا! فالرضا اختيار أما القَبول فهو حقٌّ فطري للجميع!

اقبل، اقبل الآخَر كما هو طبقًا لمدرسة العلاج الإنساني؛ فإن الفرد يدرك في بواطنه مواطنَ العطب ويميل إلى إصلاح نفِسه بنفسه، لكنَّ هذا التفاعل كثيرًا ما يحتاج إلى بيئةِ تفاعل وعاملِ حفَّاز، وتكون البيئة القابلة بغيرِ شرط هي المناسبةُ لإجراء هذا التفاعل.

أحد مهارات الدعم النفسـي

الاستماع حاسة فطرية، لكنَّ الإنصاتَ مهارة تحتاج إلى التدريب والكثير من هضمِ النفس، الإنصات يشمل الاستماع لكلِّ منطوق وغير منطوق شيئًا فشيئًا ندرك أن أقل الكلام هو القدرُ المنطوق باللسان، وأثمن ما يحتاج إليه الشخص هو شخصٌ يمكنه أن ينصت لما نعجز عن قوله.

لذا فإن النضجَ الحقيقي هو أن تجمع في داخلك بين مرح الأطفال، وحَسم الراشدين وحكمة الكهول، أن يكتمل كلُّك من بعضك، أن يتهادى الطفلُ بخفته، ويمنح الكبيرَ من حكمته، بينما يضبط الراشدُ إيقاع الكل.

فبدلًا من مصارعةِ الضغوط الخارجية والداخلية يمكننا السماحُ لها بالوجود، ومن هذا الطريق نسلبها الطاقة التي تستمدها من محاولاتِ مقاومتنا لها والعراك معها وإتاحةِ مساحة لوجودها.

كل رجائي أن ندرك معنى إنسانيتنا، وألا نتنكر لطبيعتنا، وألا نختار صلابةَ الوردة المصطنعة على ضعف الوردة المُنزرعة في تربة الخبرة؛ فنحن بشرٌ تجرحنا الكلمات، وتكسرنا الخبرات ويجبرنا لطفُ الله.

إننا حين نحبُّ بحق نحمل شيئًا من أحبابِنا داخلنا، شيئًا أبعدَ من مجرّد وجودِهم الذاتي، نحن نحملهم حيثُ لا فراق، حيث يمكننا دومًا أن نتواصلَ مع أحبتنا الساكنين فينا، الباقين ببقائنا.

ينبغي لنا أن نفرّق هنا بين الرسائلِ الموجّهةِ للفعل (Doing)، وتلك الموجهةِ إلى الذات (Being)، وأدعوك لتراجعَ رسائلك التي توجهها لنفسك والآخرين، هل هي قبولٌ للذات أم الفعلِ؟ هل تقبل الناسَ لأنّهم جيّدون، أم لأنَّ القبولَ حقٌّ أصيلٌ في الحياة!

فنحن نقبلُ من الآخرين الرسائلَ التي نجد داخلَنا أننا نستحقها،

«إن أخشى ما أخشاه أن أكشفَ لك حقيقتي فلا تقبلني، وهذا كلُّ ما أملك ")!

فمن أعلى مراتب الذكاء العاطفي مهارةُ التواصل مع الآخر، وبمعنًى آخر فنُّ بناء العلاقاتِ والحفاظ عليها.