#ريفيوهات
"الجدار......كيف يرى الإنسان عالمه؟!"
"Spoiler alert "
- في البداية نرى من خلال القصة وأحداثها المتنقلة بين الماضي والحاضر، رحلة نعرفها حول النفس أمام مفاهيم ثابتة كالموت والشر والكراهية والحب والأمل والإيمان، نرى كيف يصبغ الإنسان هذه الأشياء، فترضيه ببعض من نظرات إيمانية ليستريح عن معاناة المشهد، أو تزيد سعادته، أو تجعله يشعر وكأنه المسؤول عنها فيغرق متسائلا في دوامة كبيرة، أو على الأقل تظل كما الجدار، مصمتة محافظة على جمودها ونظافتها.
1-شعرة معاوية المتضعضعة
- ولأجل أن تصطبغ الصورة كما يريد صاحبها، فلا بد من وجود مسببات، كالعلاقات مثلا وتقلباتها، فنرى بين الشخصية الرئيسية "حياة" وبين "خالد" مثالا لمقولة نسبت لمعاوية بن أبي سفيان "وإن بيني وبين الناس شعرة لو جذبوها أرخيت ولو أرخوها جذبت"، فنجد أن تلك العلاقة تدور بين شد عنيف بأحداث قوية وإرخاء ممض ينضج فيهما الكراهية-من خلال الراوي- والشعور بالذنب -من خلال المروي عنه كما لاحظت وصفه- إلا أن بين الشد والإرخاء لحظة انتشاء خفيفة تكفي لإن توقف المواجهة التي تقطع تلك العلاقة-الشعرة- ويبقى الحال كما هو كعلاقة سامة، وبما أن هناك طرف لا يتحلى بشجاعة التخلي، فتكتمل الصورة، وهنا يعتاد الإنسان ألمه
2- الموت ليس مرة واحدة هنا، بل موتات.
❞ حبك المطلق للعالم، يجعلك تتحملين مسؤوليته ❝
بالاستعانة بما قاله "تيو"، نفهم علاقة "حياة" بواقعها، فهي كما قلنا تشعر وكأنها المسؤولة الأولى عن كل بلوى تحدث، وبفضل علاقتها المترنحة المؤلمة أو على الأقل بإحساس داخلي بأن معاناتها لا تصل إلى معاناة أمها مثلا، فتسلك متعة الإيذاء بصورته المعتادة وغير المعتادة أيضا، ومن خلال وصف قوي لأحداث واقعية صعبة نرى غرق "حياة " في معاناة الناس وانغماسها لتصنع منها صورة حية تحدثها وتحاول أن تتعاطف معها، لتنفلت مشاعر صادقة "كما للطفلة هند أو أحداث مذ.بحة الغوطة الشرقية " تعيد تفكيرها في أمور هي رمانة ميزان النفس -الإيمان من ضمنها- فتجعل المرء يرى ظلم العالم مجردا ويرى الموت زائر طيب يأتي فينتزع منه قطعة كل يوم
3- نظارات أحباؤنا تغير الرؤية
والذي استقررت عليه أخيرا في هذه الرواية، بأن سبب أن يحشر المرء مع من أحب، هو أنه يرى من خلاله، تتجدد مفاهيمه من النقيض للنقيض بفضله، فنرى الجدار يتشكل من مفهوم الموت إلى الحياة والمرح كإسقاط جيد، ونرى الإيمان والحب والحياة يتجدد-أو ربما يحدث العكس- فيكونا جسد واحد إلى آخر الدرب، وبما أن العرق دساس تحاكي حياة أمها في بث المشاعر لكنها تعرف ما ينقص الصورة "المكاشفة التي لا بد منها"
-أو نراه فترة هدنة خفيفة، كوخزات تنبئ أنها تسير في طريق الهلاك فيه محتملا، فتحاول أن تبتعد عنه أو على الأقل يحمل عنها عبئا ثقيلا من الأفكار والعذابات
الخلاصة: عمل جيد جدا، مندهش من وجود كاتب قدر أن يصف أحداث صعبة مثل مذ.بحة الغوطة، وبخلاف الجمل الطويلة أو الإسهاب في القسم الأول، فأنا أحببت هذا العمل