اقتباسات من رواية الموت في البندقية

الفن يحفر في سحنات أهله وصنّاعه آثار مغامرات سحرية وروحانية، وهو رغم سكينة وجوده الرهبانية، يُنتج مع مرور الزمن رفاهية وإحساس مرهف كما ينتج الملل والفضول في الأعصاب ونادراً ما استطاعت ذلك حياة مملوءة بالآلام والمُتع المبتذلة

ولو أننا انطلقنا أيضاً من الناحية الشخصية لوجدنا أن الفن حياة عالية المستوى. إنه يمنح السعادة إلى الأعمق في داخلنا ويُمتّعنا بها أسرع.

ولابد أن الفن هو الذي تكفل بمهمة تعليمه الفِراسة، التي اكتسبها أصلاً بفعل حياته القاسية المضطربة.

لكن الشباب المتوثب المتحرر لا يمكن كبح جماحه إلا بما يعترضه من إشكاليات. وقد كان آشنباخ إشكالياً وباحثاً عن المشاكل وكان متحرراً كأي شاب آخر. لقد سخّر الروح ومارس السطو على المعرفة وطحن حصاد سابقيه.

شاعر أولئك الناس الذين كانوا يعملون إلى حد الإرهاق، يحملون من الأثقال أكثر مما يطيقون، وينقادون للبقاء على قيد الحياة، أولئك الأخلاقيين في شغلهم والذين يكسبون القليل، ولفترة من الزمن، بعض علامات العظمة.

أن كل شيء عظيم ينتصب أمامنا إنما ليمثل الإصرار والعناد ويتحدى الهم والعذاب والفقر والهجر والضعف الجسدي وأعباء الحياة وانفعالاتها وآلاف المعيقات في طريق عظمته وقد تغلب عليها كلها.

إن الناس لا يعرفون لماذا يمجّدون عملاً فنياً ويحبونه. هم بعيدون في الواقع عن الخبرة أو الخلفية الثقافية، لكنهم يعتقدون باكتشافهم مئات المزايا في عمل قبل أن يتجاوبوا معه ويتلقوه باحترام.

هي في الحقيقة إنجازات يومية صغيرة تكونت من مئات الإيحاءات المنفردة ونمت حتى العَظَمة وتطورت نحو السمو، ولهذا كانت متميزة ورائعة.

أن طبيعة الشاعر لم ترضَ بأقل من بناء مثقف صلب متين وملتزم لم يولد معه بل استطاع اكتسابه وإخصابه باستمرار.

كتاب جميل