أيام لا تنسى
كمال رحيم
دار العين للنشر
الطبعة الأولى 2018
الغلاف: هبه حلمي.
**تقع أحداث هذه الرواية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي ، عندما كان للحياة في الريف جمال وخصوصية وشكل مغاير لحياة اليوم ، وكان للعمد سطوة وكانت كلمتهم سيفا على رقاب الناس . الراوي هنا حفيد أحد هؤلاء العمد ، ويقص ما كان يقع أمامه في هذا الزمن ويثير دهشته .. هالة التقديس التي أحاطت بجده العمدة .. حكايات النسوة عنه وعما يقع في القرية من أحداث .. خلافات هذا الجد مع شقيقه ( الشيخ عبد اللطيف ) العالم الازهري فالت الزمام ... إضافة إلى تجاسر العمدة على الحكومة وتحديه لها عندما أقصته عن العمدية بعد ثورة 1952 .. وصدمة الراوي ذاته وذهوله عند موت جدته وهو طفل صغير ، ماتت أمام عينيه وهو لم يكن يعرف وقتها ما الموت ، او سمع بهذه الكلمة من قبل . شخوص ونماذج بشرية تشغل الرواية : الأب السلبي المسالم ، الأم قوية الشخصية ، أعمام لئام يخططون للانقضاض على ميراث أبيهم وهو لا يزال على قيد الحياة ، والمؤامرات والألاعيب التي تحاك من وراء ظهر الجد ...**
ملخص على غلاف الكتاب أوجز مافي الرواية.
ينظر الراوي إلى صورة جده، صورة من الزمن القديم، وينظر إلى صندوق صغير من الخشب، الصورة والصندوق هما التذكار الوحيد اللذان تبقيا له من هذا الزمن. يبدأ في حكاية كيف غنم بهما ثم يحكي عن الجد وشخصيته المهيبة، ويحكي عن الجدة وحواديتها، وعن والدته وسيطرتها على كل من في البيت ووالده وعمه وخلافاتهما الدائمة.
**كان جادا ، جادا في كل شيء حتى وهو يقف أمام عدسة التصوير . شاربه هو الآخر لم يكن هينا ، كان كثيفا وملفوفا من عند الأطراف ، كان أكبر داعم له ، فهيئته وطلته كانتا تحذران أي إنسان من التجاوز معه . لم يتغير الشارب كثيرا عما في الصورة ، ظل قويا حتى يومه الأخير ، البياض فقط هو الذي تمكن منه ، فلم يتهدل ولا أصابه وهن لا جفاف. لا أعرف متى أخذوا له هذه الصورة .. ولا هو نفسه كان يعرف ، قال لي مرة : إنها من أيام ( الملك فؤاد ) ، وكنت وقتها في عز الشباب ، لكن في أية سنة بالضبط ؟ لا أدري على وجه اليقين .**
قصة الرواية تشعرك بالحنين إلى الماضي والذكريات العائلية، فهو تحدث عن العائلة كلها، وأبدع في وصف البيت التي كانت تقطنه تلك العائلة الكبيرة ذات الحسب والنسب.
**تأخذني الصورة إلى بيتنا القديم .. فلم يكن كأي بيت ..بمساحة نصف فدان على الأقل ، غير أنه لم يبدأ هكذا ، بدأ ببيت صغير آل للجد من أبيه ، دور واحد جدرانه سميكة ومسقوف بعروق من الخشب ، والدرج المفضي إلى السطح عمره الافتراضي انقضى ويحذروننا من الصعود عليه . والغرف أربع فقط ، وفسحة طويلة في آخرها مطبخ ومرحاض . حدثت التوسعات فيما بعد . لم أشهدها بنفسي ، سمعت بها فقط ، من أمي مرة ومن أبي مرة أو مما كان يقوله الأعمام ، وإن كان منهم من لم يشهدها مثلي ويحكي نقلا عن الغير . يقولون : إن الجد أغرى أصحاب البيوت التي حوله حتى اشتراها منهم ، وشيئا فشيئا وصل البيت إلى ما هو عليه الآن . سور من الدبش وبوابة من الحديد ، يضمان ثلاثة بيوت كل واحد منها من طابقين ، أسقف من أسياخ الحديد والإسمنت ، والبلاط الملون في كل مكان ، والحمامات . **
الرواية لغتها جميلة، السرد فيها أكثر من الحوار، رواية وقصة مرادها الحنين إلى الماضي، لأنها حقا أيام لا تنسى.
**كانت أستاذة في ( الحواديت ) .. تحكي لنا كل مرة بالخمس والسـت ( حواديت ) ، فرصة وأتيحت لها ، الجد في الخارج طوال اليوم ، و وهيبة إما في المطبخ أو مشغولة بشيء في يدها ، وهي وحدها ولا تتكلم مع أحد . تظل تحكي وتحكي ونحن حولها كالقطط الأليفة ، وعندما نشعر بأنها نامت منا ندعها وننصرف. مع طول ترددنا عليها ، أصبحت تسألنا عن ( الحدوتة ) التي نرغب في سماعها ، وقبل أن تسمع جوابنا ، كانت تقول : ما رأيكما لو بدأنا ( بحدوتة ) الأرنب العبيط ، لم أحكها لكما من قبل .**