وهذه المراجعة ليست إلا رأي شخصي فقط من شخص مثلي يحب الكتابة والقراءة بشكل عام وله ذائقة معينة.
أولا الغلاف: رائع جدا ومميز للغاية ويحمل طابع خاص وهو من نقاط القوة في العمل
ثانيا الحبكة والأحداث:
عمل هنا ينتمي إلى تصنيف الفانتازيا أو العوالم البديلة وأرض أخرى أو الواقعية السحرية - دون السحر - حيث تبدأ الرواية بالفعل مع خارطة تضم عدد من الممالك التي يجمعها أرض تسمى تلال الشمس وهناك تاريخ ضائع مسكوت عنه وعدد من الأساطير الخاصة بكل منطقة وقبائل وعائلات حاكمة وشعوب مغلوبة على أمرها والأمر لا يخلو من الثورات والانقلابات ولابد من ملاحظة هنا افتقاد الرواية إلى:
الخلاف العقائدي والدينية أو وجود أديان مختلفة وآلهة قديمة وحديثة وجماعات أو طوائف دينية.
عدم وجود سحر أو أنواع من المخلوقات المدهشة مثل التنانين أو الكائنات السحرية العاقلة - لكن هناك أكثر من تلميح لوجود حوريات البحر -
وتبدأ حبكة الرواية لنتعرف على شاهين حاكم كفر البردقوش سليل السلاطين السابقين وصاحب الطموح الجامح وبعد ذلك نتعرف على زوجته رقية ابنة الشهبندر في مدينة البوغاز الساحلية وهي منشأ أبطال الرواية سعد وبياض القرش.
ثم تبدأ الأحداث الرئيسية هنا مع تعرض قافلة السلطان للنهب وظهور جيش المتمردين من مروضي الذئاب في صحراء بحر الرمال.
ثالثا الفكرة:
من المؤكد هنا والواضح أننا أمام ملحمة روائية من ثلاثة أجزاء صدر الجزء الأول ليكون مقدمة تلك الملحمة والتعرف على ذلك العالم الخيالي والشخصيات والغوص داخل تلك البيئة والتعرف على التاريخ والخلفية الاجتماعية والنفسية والثقافية لكل أبطال تلك الملحمة وهو ما يأخذنا إلى النقطة الرابعة.
رابعا الشخصيات:
مثل كل ملحمة لابد لها من أبطال وخونة وفيلق من المنتفعين والجبناء وغيرهم وقد حاول الكاتب هنا أن يرسم الشخصيات على مهل ويضع بين أيادينا وأمام عيوننا أشخاص واقعية حقيقية تكاد ترى بعينيك ملامحهم وتعابير وجوههم في كل موقف وهو ما يدل على قدرة الكاتب على العناية بكافة التفاصيل لكل الشخصيات حتى لو كانت الشخصية جانبية.
وأجمل ما في شخصيات العمل هنا هي الواقعية لا خير مطلق ولا شر مطلق، كل إنسان له جوانب متعددة متدرجة.
وعند الحديث عن الشخصيات لا يمكن هنا إلا أن أقول رأيي الشخصي والإحساس الخاص والإنطباع الذي استقر داخلي بخصوص بطل تلك الرواية - بياض القرش -
والحقيقة أنني قد كرهت تلك الشخصية جدا جدا، رأيته في كل موقف مجرد غبي أو أحمق أو ساذج، ضعيف الشخصية محدود الذكاء حد البلاهة أو العته، - بياض - ومنذ ظهوره الأول ما هو إلا كومة من العضلات الغبية غير النافعة ولا يستحق أن يكون بطل لتلك الملحمة بل وكان مجرد ظهوره مزعج لي في كثير من الأحيان، وهو الأمر الشخصي هنا - فأنا لا أطيق الأغبياء المتنطعين بالقيم والمثالية إلى هذا الحد غير المنطقي -
أما عن الشخصية الأجمل في الرواية فهي صاحب الذئب وأعتقد وأتمنى أن يكون هو محور وبطل الثلاثية وهي شخصية رمادية جدا، يملك العديد من الأسرار ومقومات تجعله الأجدر أن يكون الأفضل وهناك الكثير من الشخصيات المثيرة والملفتة والتي لن نستطيع الحديث عنها خوفا من الحرق.
خامسا اللغة والسرد والحوار:
وللحق يعتبر السرد واللغة البليغة هنا هي أهم نقاط قوة العمل والذي جاء باللغة العربية الفصحى الرقيقة والمدعومة بالتشبيهات والاستعارات البلاغية الجذابة.
كان أسلوب السرد سينمائي فخم بحق فتارة نرى المشهد بعيون باعوضة وتارة غزال أو من خلال صقر.
أما عن الحوار فقد كان كثيفا أو كثيرا إلى حد ما وكان مشبعا بالعبارات الجزلة واللغة القوية وهو الأمر غير المحبب لدي ولكنه جاء في تلك الرواية بطريقة جذابة وهنا نأتي إلى المشاكل والسلبيات.
السلبيات :
بالطبع لا يوجد عمل كامل متكامل لا يمكن التعليق عليه ولكن ما يؤسفني هنا أن السلبيات كانت مزعجة واضحة.
أول تلك السلبيات هي التنسيق الداخلي، لا يوجد فاصل بين المشاهد أو الفقرات المنفصلة وهذا ما كان يصيبني بالدوار والغضب وكان يفصل عقلي عن متعة القراءة.
ثم هناك عامل الملل الذي يأتي مع منتصف الرواية ولكنه والحمد لله لم يستمر.
أخيرا تطرق الكاتب في موضعين إلى قصة سيدنا يوسف عليه السلام وهو الأمر الذي يشير إلى الدين والشرائع السماوية والتي سكت عنها الكاتب طوال الرواية ومن وجهة نظري كان من الأفضل حذف الموضعين.
الخلاصة هنا أن الرواية عبارة عن ملحمة رائعة وحماسية وفيها من الأفكار الكثير وتصلح أن تكون مقدمة وافتتاحية عالم روائي شديد الأهمية ومن المؤكد أنصح بذلك العمل وبشدة.
ومن المؤكد أنني أنتظر قراءة الجزء الجزء الثاني - بنو الأزرق - بشغف مع سقف توقعات مرتفع للغاية.
#أحمدمجدي