كنت أجلس وحدي، أحاول إيجاد فكرة لروايتي المفترض أن أشتغل عليها خلال الورشة، في الواقع الأفكار كثيرة، لكن لم أجد الروح، والرغبة، والحاجة الداخلية الماسّة لأن أكتب رواية كما توقع الجميع مني ذلك، كنت أريد فقط أن أجلس طوال الوقت أحدق في السقوف والجدران، أتأمل النقوش والأفق والشمس وغروبها وبهاء القمر في الليل والسحب الصغيرة البيضاء البضّة التي تبدو كسرير قطنيّ دافئ، أتخيل كثيرًا أني أنام عليها وأشعر بالحنان والأمان والراحة، كنت متعبة من كلّ شيء، أريد فقط أن أستريح، وأتشبث بحلم الكتابة كملهاة أتلهى بها حين يباغتني أحدهم في حالات شرودي الدائم، فأقول إني أفكر في الكتابة، وفي الواقع كنت لا أفكر في شيء. لكن لن يتقبلك العالم إن قلت له إنك تفضل أن تقضي وقتك جالسًا محدقًا في الأفق دون أن تفكر في شيء، لذلك اخترعت قصة الكتابة، ومن يومها وأنا أعاني لأثبت صحة ادعائي،
مملكة النحل في رأسي
نبذة عن الرواية
كنت منشغلة تماماً مثل نحلة... لكن داخل رأسى فقط، كان رأسى يمور بالحياة، رأيت الحياة دوامات بشر، حركة ورق شجر يسقط في الطريق، حفر صغيرة، حجر أولاد يلعبون، آخرون يتسلقون جدران المدرسة. حبر على الجدران، بنات أشياء كثيرة تحصل، لا شىء يخصّك. تظل مكانك تنتظر شىء غامض يحصل لا تعرف ما هو، تظل هناك متأملا منتظراً لادخل لك فلا شىء يخصك... يبدو أن دبور دخل رأسي في يوم ما وقضى على مملكة النحل فيه؛ يعم الهدوء الآن... يعم الفراغ، ولا أستاء؛ من هنا تبدأ مرحلة العتبات.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2019
- 168 صفحة
- [ردمك 13] 978-614-02-1697-6
- منشورات ضفاف
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية مملكة النحل في رأسي
مشاركة من إبراهيم عادل
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
إبراهيم عادل
أعترف بداية أني حاولت أن أختار هذه الرواية بعناية، لا أحب روايات الحروب، وأنفر من روايات التي تناقش الصراعات السياسة أوالكوارث، ربما نسعى أحيانًا للبحث عن مشاكلنا الساذجة البسيطة، لتلهينا ولو قليلاً عمّا يدور في العالم من مشكلات وبلاوي!
ولكن مريم خدعتني، رغم عنوان روايتها الدال وعناوين فصولها الداخلية الموحية، تورطت منذ قرأت عنوان الفصل الأول "من يصلح غطاء الغسّالة المكسور؟ /وماذا يسمّون مصلّح الصّنابير؟ وهل يجب أن أشدّ السّتارة العالقة؟أو محاولة لتأجيل الانتحار." اعتقدت أني إزاي تلك التجربة الذاتية التي يمكن للمرء أن يغرق بداخلها وينسى نفسه وينسى العالم، فإذا بها تحضر العالم كله أمامي مرة أخرى!
ولكني أحب هذا النوع من الكتابة المغوية، تجيد مريم الساعدي في روايتها التقاط عددٍ من التفاصيل العابرة، ومن خلال بطلة الرواية، وبتقنية "تيار الوعي" يتداعى العالم والأفكار والهواجس والأحلام كلها أمامنا، ولكن تلك الأشياء على تعددها واختلافها تأتي مرتبة بعناية.
تكمن براعة هذه الرواية في ظني في اختيار اللقطات الموحية والدالة داخل الحكاية /الإطار العام للرواية والتعبير عنها بصدق، ربما يظن القارئ للوهلة الأولى أن الكاتبة تكتب خواطرها العابرة، ففي كل فصل بعنوان مختلف نجد حدثًا جديدًا وأبطال مختلفون، ولكن مع مواصلة القراءة يتم ربط هذه القصص والحكايات العابرة، ثم تلك المحاولة الدؤوبة من الكاتبة/ البطلة معًا للوصل بنا لمرفأ أمان في هذا العالم الموحش!
ربما تبدو للقارئ لأول وهلة كأنها مرثية للذات، لبطلةٍ/ كاتبة، واسمها مريم أيضًا، ترثي نفسها، وخيباتها المتكررة بحثًا عن صديق/حبيب غائب، ولكنها وبينما تفعل ذلك تجعل القارء يفكّر في كل شيءً حوله، وتعرض ذلك كله بأسلوبٍ أدبي شيق، وبلغة تميل إلى الشاعرية كثيرًا، وبدون أن تحمّل الأشياء أكثر مما تحتمل
تتحدث عن العالم وما يدور فيه، عن ضياع الأمان داخليًا وخارجيًا، عن رحلة البحث عن السعادة الغائبة، وبطريقة درامية، عن الصداقات التي تنفرط بسهولة، عن معنى مهم مثل "الأمومة" وكيف تحوّل بسبب كل هذه الأشياء وغيرها إلى أمر مخيف وغامض.
ندور مع بطلة الرواية عبر أفكارها وهواجسها، وأبطالها الحقيقيين والافتراضيين، ومع أسئلتها، حتى نعود لسؤال البداية الذي تركته معلقًا: من يصلح غطاء الغسّالة المكسور؟
شكرًا مريم الساعدي .. وفي انتظار جديدك (الرواية إصدار 2019)