من الثورات العربية إلى اغتراب العرب داخل مدنهم العربية ينقلنا الروائي سراج منير في روايته «ربيع الشتات» الصادرة في العام الماضي عن دار الكتب خان والتي تتوقف لترصد تجارب عدد من الثورات العربية دفعة واحدة، وكيف أثَّرت وغيَّرت في حياة وعلاقات ونفسية مجموعة من الشباب العربي المغترب صادف أن اجتمعوا في الكويت في وقتٍ واحد بعد ما لحق بهذه الثورات من هزائم.
ولا شك أنها فكرة طموحة في البداية من الكاتب أن يسعى للم شتات الربيع العربي ورصده وتصويره وتناوله في عملٍ روائيٍ واحد، ولا شك أيضًا أن الرهان سيكون صعبًا مع القارئ منذ سطور الرواية الأولى، إذ يقفز التساؤل هل يستطيع الكاتب أن يلم بكل هذه الثورات والأحداث والمواقف مع تعدد شخصيات روايته ليطرح الموضوع بشكلٍ روائي صحيح؟
نبدأ التعرف على أبطال العمل وشخصيات، حسن من مصر مدرس اللغة العربية الذي يعمل سائقًا، وصديقه هشام من ليبيا الذي يبدأ حارسًا للعقار ثم يتحول للكتابة الصحفية، وكذلك عبد العزيز من سوريا الذي لم يتم التركيز على حكايته كثيرًا، بالإضافة إلى شخصيات نسائية جانيس من الفلبين، وشيخة من الكويت.
ولعل أكثر ما يميز الرواية هو قدرتها على عرض هذا العدد من الشخصيات مختلفة التوجهات والجنسيات، وما يشير إليه اجتماعها في مكانٍ واحد، وتشكل علاقتهم معًا من أن مشاكل الإنسانية هي مشاكل عامة لا علاقة لها بالجنس أو اللون، وأن الهم الذي يصيب شعبًا من الشعوب لا شك سيصيب شعوبًا أخرى، وأننا في النهاية كلنا في الهم عرب وبني آدم، يجمع بيننا العديد من الهموم المشتركة والأحزان والأفراح المتشابهة رغم كل ما يمكن أن نرصده بين ذلك من اختلافات.
هناك مشكلات عابرة في طريقة بناء بعض الشخصيات في الرواية، وصياغة المواقف والأحداث التي يمرون بها، فنحن لا نكاد نتعرف على حسن وهشام ودوافعهم في العمل حتى نوضع في تلك المواقف التي يمرون بها، بل المصادفات التي توضع في طريق بعضهم، والتي تبدو في كثير من الأحيان غير منطقية مثل هشام مدرس اللغة العربية الليبي الذي تحوله محادثة بسيطة مع رئيس التحرير إلى كاتب مقالات في الجريدة، لنفاجأ بأن رئيس التحرير يقرأ المقالات ثم يرفضها، فيتعرض هشام للطرد من الكويت فيعود رئيس التحرير لقبول عمله في الجريدة! (بغض النظر عن أن ما يكتبه هشام هو حكايات عن الثورة في ليبيا وليس مقالات).
كذلك رسم بعض العلاقات غير واضحة المعالم بين حسن وجانيس مثلًا، والتقلبات بين حكايتهم وعلاقته بحبيبة القديمة نهلة. بغض النظر عن كونها فلبينية وهو مصري وأن العلاقة بينهما لا شك سيشوبها على الأقل في البداية الكثير من التعثر بسبب اللغة. ثم تأخر السارد في تعريفنا بخلفيات علاقات جانيس بزوجها السابق، وأثر ذلك عليها بعد فشل علاقتها مع حسن.
...............
مقالي عنها على إضاءات
****