الهوامل والشوامل : الحرب وأسئلة الهوية في سورية
تأليف
عقيل سعيد محفوض
(تأليف)
على وقع التحوّلات العالمية، الفكرية والجيوسياسية، وما أفرزته من أحداث وتحديات مصيرية في بلاد الشام في بداية القرن العشرين، أخذت تتشكل في مجتمعات المشرق العربي تصوُّرات مختلفة لقضايا المجتمع والدولة والهوية والانتماء الحضاري، وبالتالي للعلاقة بالآخر، الذي طغت عليه صفة المستعمر آنذاك.
وفي سياق هذا المخاض مثّلت سورية بؤرة محورية، فقد تفاعل السوريون مع تلك التحولات والتحديات بمدارك وتصورات كبرى حول الأمة والقومية والنهضة والتحرر والعدالة الاجتماعية والمساواة، وأخذوا على عاتقهم «مهمات كبرى»، و«رسالة كونية»، رأوا أن عليهم تأديتها، وناصروا القضايا العربية من المحيط إلى الخليج، وعلى رأسها الصراع العربي – الإسرائيلي.
لكن السوريين، ككل الشعوب النازعة إلى التحرر والاستقلال، كان لا بد من أن يدفعوا ثمناً لخياراتهم تلك. فكان تاريخهم الحديث عاصفاً بالمواجهات والأحداث والتحديات والصدمات الكبرى، التي بلغت ذروتها بالحرب الكونية الدائرة في سورية منذ عام 2011. وهي حرب كان لها من الصدمات والآثار ما دفع بالسوريين إلى إعادة طرح الأسئلة الكبرى على أنفسهم حول تلك التصورات التي قامت عليها هويتهم الثقافية والسياسية على مدى أكثر من قرن؛ وبات السؤال حول معنى أن يكون المرء سورياً يمثل مهمة بالغة الحيوية والأهمية والإلحاح، على الرغم من أنها مهمة بالغة الصعوبة والتعقيد، فمقدار التحولات والرهانات والغموض واللايقين في الحدث السوري يجعل المهمة أقرب إلى مخاطرة أو مغامرة منها إلى كتابة أو مقاربة بحثية.