مقالات مستقاة من ذكريات المازني.. سيرة تتخللها بعض أفكاره ودواخله ونظرياته عن الحياة فكما قال "صارت الحياة عندي حرفة تعلمتها"..
بدايتها طفولته وما فيها من أفراح وأحزان وأوجاع وفقد.. وذكر الأشخاص الذين كان لهم الأثر الأكبر في تشكيل هويته.. والده بقسوته ووالدته بحنانها، وشخصيات أخرى.. تحدث عن جيل يقدَّس فيه المعلمين، وكيف لبعض تصرفات بسيطة في نظرنا قد تغرس بعض القيم في غيرنا..
"أعتقد أن منظر أساتذتنا وهم يقبلون يد الشيخ حمزة كان من أهم ما أغرس في نفوسنا حب معلمينا وتوقيرهم، فإني أراني إلى هذه الساعة أشعر بحنين إلى هؤلاء المعلمين، ولا يسعني إلا إكبارهم حين ألتقي بواحد منهم وإن كنت لم أستفد منهم شيئاً يستحق الذكر"
كان المازني نبيهاً في صغره، ومعلماً فاضلا في شبابه يولي ما يوضع تحت رعايته الكثيرمن العناية والإهتمام.. "نظريتي هي أن المدرس الذي يحتاج إلى معاقبة تلميذه لا يصح لهذه المهنة، وخير له أن يشتغل بغيرها"
حدثنا أيضاً عن ذلك الكتاب الذي بات طوق النجاة له من الجنون بعد وفاة زوجته وطفلة على يد ذاك الطبيب المخمور.. "لم ينجني من الجنون إلا انكبابي على ابن الرومي، والاشتغال بتصحيح الأخطاء في ديوانه"..
ولم ينسَ طيشه في ريعان شبابه وقصص حبه التي لم تكتمل وإن كان غالبيتها ليغذي بها قريحته الشعرية لدرجة أنه لا يعيشها حقا وإنما يحوّرها بخياله ..
أحسست بتقارب أسلوب المازني في الكتابة مع توفيق الحكيم وعلي الطنطاوي رحمهم الله جميعاً وكأنهم درسوا بمدرسة الحياة ذاتها تحت يد نفس المعلم.. ودائماً أتعجب عندما ينتقد أحد هؤلاء القدماء العظام الجيل الجديد في زمانهم وأقول في نفسي لو كانوا بيننا الآن.. ماهم صانعين وماذا سيقولون؟
دائماً يمدح الإنسان زمانه وماضيه على الحاضر وزمان من هم أصغر منه.. أناس لم يعيشوا ما عاشه من صعاب.. وهو لا يدري فقد يكونوا عانوا بشيء أمر مما عاناه بنفسه.. لكن الإنسان لن يستطيع الشعور بشيء لم يشعر به شخصياً ولن يستطيع أن يقدر الألم والمعاناة بالضبط كما هي..