أعتقد أن أول شيء قد لفت نظري في تلك الرواية هو التطور الكبير على مستوى اللغة بين كتابات شادي؛ فشادي الذي قد يكون قد حكى مجرد حكاية في روايته الأولى دون أي تجريب كبير على مستوى السرد أو اللغة، والذي عاد في روايته الثانية على خط جرينتش، كي يمارس تطويرا كبيرا واضحا على مستوى السرد واللغة؛ لا يعدم حكيه التقليدي إلا أنه يأخذنا في مناخ مختلف ليعرض تجربة مغايرة تأخذ فيها اللغة دورا لا يمكن إهماله، وتتجلى فيه المأساة وإن كانت بعنف أقل..
أما على الجانب الآخر فإن شادي في "تاريخ موجز" يتجلى وقد أطلق العنان تماما للجام لغة مميزة، تلتحم فيها العامية بالفصحى وإن كان هذا يحدث على استحياء؛ إذ إن لغة السرد عند شادي هي فصحى بالأساس.. وأما على مستوى الحكاية فإن هذه قد تكون أكثر الحكايات الثلاثة تكاملا وتضافرا.. حكاية قاسية،
أصلية، صادقة.. عنيفة وسريعة؛ حتى أني كنت أشعر أني أثب بينما أقرأ..
هذه الرواية التي تأخذ من الأم شخصيتها المحورية تأتي لتذكرني بالكثير من الكتابات القريبة إلى قلبي، فعسراء هاندكه تظهر بشكل من الأشكال.. المرأة في كتابات موديانو تلوح إليّ.. فيما تلاقياتها مع الأم عند أصلان وخيري شلبي لا تختفي تماما من المشهد.
إجمالا سعادة غامرة بالرواية، في اعتقادي شادي بيتطور بسرعة مذهلة، وبلا شك أنتظر رواياته القادمة بشغف أكبر