إذا كُنت لم تقرأ الرواية بعد، من فضلك لا تُكمل.. ليس السبب أن المُراجعة قد تحتوي على حرق، ولكنها رُبما تُحبطك، أو تُنفرك من الرواية.. فوجب التحذير.
رواية "صلاة الممسوس" هي العمل الذي كُنت أنتظره -شخصياً- بعد ثلاثية "ليلة في جُهنم" فبعد نهاية من أسوأ ما يكون لسلسلة كان من المُمكن أن تُصبح أفضل من ذلك بكثير، كنت أشعر أن "حسن الجندي" لا بُد أن يُراضيني بشكلاً ما.. فبكل تأكيد، أنا من مُحبي قلمه، أعتبره واحد من أهم كُتاب الرُعب والتشويق والإثارة.. ولكن تلك العلاقة بيننا أصبح يربطها خيط ضعيف كما قالت جنات، ولكن هل أنقطع هذا الخيط بيننا؟ قد يكون نعم وقد يكون لا، وستفهمني بعد قليل.
بالنسبة لي، هذه رواية لا تُرضيني أبداً، ولكن على سبيل المثال، لو قرأها قارئ لم يقرأ لحسن الجندي من قبل أو قرأ أعمال قليلة له قد تُعجبه.. أو حتى تكون مقبولة بالنسبة له، ولكن، لأنني قد قرأت أعمال حسن الجندي كُلها، فأود أن أقول وبكل شفافية، أن هذه الرواية تُنافس "أيام مع الباشا" في السوء! بدأت أشعر أنني أدخل في سلسلة من الإحباطات المُتتالية مع "الجندي" ولكن، هُناك ما يجعلني مُرغماً أن أكمل في القراءة له.. رُبما هو جان مُسخر ليُرغمني على ذلك. حقيقة لا أعلم.
هُناك زاوية ما أو ملعب ما قرر "حسن الجندي" أن يحصر نفسه فيه، أن لا يُفكر حتى أن يخرج منه ليكتشف ملاعب أخرى يُمكنه أن يبرع فيها.. هُناك أنواع عديدة للخوارق وما وراء الطبيعة، ولكن "الجندي" يصر على استخدام الجان، ورغم أنه وبكل أمانة أبدع فيما يخصهم، ولكن بعد فترة، وبعد قراءات عديدة سيكون التكرار عاملاً موجوداً، فقد ذكرت كُل ما يُمكن أن تذكره عن الجان، فأما أن تبتعد عن ملعب الجان قليلاً أو تأتي بفكرة إبداعية جديدة وتُضيف عليها عملية التمصير التي تُجيدها.. مثل: "الرصد" هُناك أعطيتك الخمس نجوم بإمتياز، لماذا؟ لأنك خرجت من ملعبك الأثير، وقررت أن تُخاطر.
لن أحكي تفاصيل عن الرواية، ولا حتى سأحاول أن أكتب مُلخصاً، فالمُلخص قد يكون كوميدياً، ولكن في كلمات بسيطة: حاول حسن الجندي أن يحكي حكايتين ولكن فشل فشل ذريع في الربط بينهم.. حكاية المماليك وحكاية "بودي"، وحتى النهاية التي كُنت تُمهد فيها لظهور الكائن الذي لم تُنجبه ولادة "من الجان بالطبع"، لم تكن على المستوى وجاءت مُتسرعة مُتلهفة لتُنهي الرواية، وكأن الجان الذي يوسوس لك يُخبرك أنه غير راض عن الرواية.
ما جعلني أرفع تقييمي قليلاً لهذه الرواية ولا أعطيها النجمة الواحدة، وكانت نيتي حتى هدأت وتذكرت النقطة التي أحببتها طوال الأحداث، فكرة "الاختيار"، وأنه أحياناً نجد أنفسنا مدفوعين بأهداف لا تُمثل أفكارنا ولكن نجد أنفسنا نقاتل من أجلها.. مجبورين مُكبلين مُرغمين على ذلك.. وحاول "حسن الجندي" من خلال بعض الشخصيات أن يُخبرنا أنه مهما كُنا مُجبرين على اختيار مُعين ولدنا عليه، نستطيع الانتصار عليه وتغييره.
ختاماً..
بالطبع كانت تجربة كارثية، وأنا أتذكر الأحداث حالياً تفاجئت أنه لم يكن هُناك مواقف كوميدية حتى التي كانت تُخفف من توترنا آثناء القراءة لحسن الجندي.. إلا موقف واحد رُبما له علاقة بـ"بودي"، الشخصيات كانت أضعف ما يكون وبالأخص الأساسيين، والربط كان سيء.. وتأجل الصلح بيني وبين حسن الجندي.. لمتى؟
لا أعلم.. ولكن، أكثر ما أخشاه أن يُصبح "حسن الجندي" أسطورة يتناقلها القراء ثم يتوارى ولا نجد له آثراً.