يوسف بن تاشفين : التجربة التاريخية الراشدة

وإن كان الكتاب السابق خاصاً بالأندلس فإن القراءة الحالية تُعتبر امتداداً له ولكن في شطر آخر، ففي القرن الخامس الهجري، تحديداً في قلب صحراء شنقيط جنوب المغرب الأقصى وُلد واحد من أهم شخصيات التاريخ الإسلامي والأندلسي بالتحديد، وحيث أنه لم يُعرف عن صباه ونشأته وشبابه الكثير، لكن يكفي أن يكون اسمه امتداداً للارتباط بأصحاب الفواتح التي لا تُنسي.

لم يمُر اسم يوسف بن تاشفين علي التاريخ مرور الكرام، ولكن اقترن بأفعال البطولة والشجاعة والذكاء فأصبح حيّاً إلي ما شاء الله حتي بعد فوات مئات السنين علي موته.

لا ينظر القراء غالبا إلي نجاحات يوسف بن تاشفين في توحيد أقطار دولة المرابطين أثناء قيامها وأهمية ذلك علي صلابة الصف المرابطي وقوتة التوحيدية المبنية علي تأسيسات الشيخ عبد الله بن ياسين.

لذا أشار الكاتب من البداية إلي ما قبل قيام الدولة والمراكز التي تدرج فيها يوسف بن تاشفين منذ تأسيسها حتي وصل إلي رأس الدولة.

ثلاثون عاماً أمضاها بن تاشفين ساعياً في توحيد المغرب حتي استقر له حكمها الذي اشتهر بأنه الأقوي واستتب له الأمر كي يبني عاصمة دولتة مراكش.

كانت الأمور حينها علي الجانب الآخر من الجبهه تزداد سوءاً واشتعالاً حيث التمزق الطائفي والتشرذم المناطقي، ثم إن النزاع السياسي بين المسلمين قد بلغ مداه، في وقت اتحدت فيه الممالك النصرانية في الشمال من أجل حرب صليبية شاملة للقضاء على التواجد الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية.

وقد بدأ الصليبيون يستغلون ذلك مُنشئين تحالفات متعددة تسعي لاستعادة الأرض عبر هجمات ارتدادية، حينها كان نبأ الدولة القوية التي نشأت علي الجانب الآخر قذ ذاع ولم يجد المسلمون بداً من الاستنجاد بالملك القوي لإحباط مخططات الصليبيين ولإحلال الاستقرار بين المسلمين.

عبر يوسف بن تاشفين إلي الأندلس مرتين مرحباً بدعاوي أهلها لتخليصهم من الظلم قبل أن يوحد الاندلس ويجعلها تحت لواء دولة المرابطين، مواقع كبري وتاريخ أسطوري حكي عنه الكاتب قبل أن يذهب بخصوصية الحديث لشخص يوسف بن تاشفين ونشأته والأجواء الإجتماعية لعهد حكمة وتأثير هذه الفترة بأحداثها علي الجانب التاريخي.

الممتع في الكتاب هو جمعة بين الإيجاز والإلمام وكفايته من المعلومات بحيث أنك لن تضطر للبحث مرة أخي عن أي شيء يخص يوسف بن تاشفين.