بقينا وحدنا، دكتور؛ أنا، في الظلِّ، وأنت تحت عاكسات الضوء، والمرأة مستلقية على الطاولة بيننا، مثل أرض فاسدة كان زوجان من الطيور السود يتنازعانها. لـمَّا أنزلت قناعك، دكتور، كما لو كنت تخلع بنطالك، عرفت كاميرتي أن ليس ثمَّة وقت متبقٍّ، وعرفت أيضاً أنَّ عينيَّ، مرَّة أخرى، لم تخطئا. بدأتَ تتقدَّم ومقبرة وجهك مفتوحة على انفتاح وجه تلك المرأة، تتقدَّم نحوها بعينين تغليان بحشرات رغبة لا اسم لها، وفكَّرتُ للحظة في أنَّك ستضاجعها، وفي أنَّ هذا هو السرُّ الذي سأصوِّره إلى الأبد. إلَّا أنَّ الصورة التي لديَّ هي أكثر تشويقاً، مارافيللي. وإنَّه لمن دواعي سروري أن أؤكِّد أنَّ شذوذك أكثر كثافة وأعمق بكثير من مجرَّد شهوة جسد، وأنَّك ستكون أكثر من مستعدٍّ للتفاوض على اتِّفاق معي، الاتِّفاق الذي سيمنحك المزيد من السلطة، وسيمنحني المزيد من أوريانا.
مسكرا
نبذة عن الرواية
"إلّا أنَّ تحليل دورفمان لكلِّ ما هو سطحيٌّ يذهب أبعد من ذلك (يتردَّد منّا الواحد في القول: أعمق من ذلك). ففي المنطقة المتغيِّرة التي يتناوب الكاتب فيها بين كلِّ ما هو حقيقيٌّ وخياليٌّ، وتدور فيها أحداث الرواية، لم يعد الوجه جزءاً من نفسنا الطبيعيَّة بل أصبح ينتمي إلى ثقافة ما، فالوجه هنا قناع نرثه من آبائنا إلى حدٍّ كبير، فالابن يرث، ويجدِّد قناع أبيه، أو وجهه. لهذا السبب، يستمرُّ النظام الأبويُّ هذا إلى الأبد. وجهنا جزء من تقديم أنفسنا، تماماً كملابسنا، إنَّما ليس في وسعنا أن نخلعه بالطريقة نفسها التي نخلع فيها ملابسنا. ومع ذلك، من الخطأ بمكان أن نعتقد أنَّ تحت هذا الوجه الذي نرتديه تكمن نفسنا الحقيقيَّة، لأنَّه لا يوجد شيء من قبيل أنَّنا لا نرتدي وجهاً. الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو وجود طفل صغير لم تتكوَّن ملامح وجهه بعد، ولا سيّما طفلة صغيرة مثل أوريانا. واستثناء آخر هو الرجل عديم الوجه في روايتنا. إنَّما لن يتسنَّى لطفل صغير أو رجل بلا وجه أن يكونا جزءاً من هذا النظام الاجتماعيِّ. ج. م. كوتزي "عن الطبعة
- نشر سنة 2021
- 177 صفحة
- [ردمك 13] 978-9933-38-268-1
- دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
123 مشاركة