التطلُّع للمُستقبل، يجب أن يصحبه تأمُّل للماضي..
الشيء
نبذة عن الرواية
سبعة أصدقاء يعودون إلى مسقط رأسهم لمواجهة كابوس مروّع التقوه أول مرة في صباهم.. شر لا اسم له.. شيء.. مرحبًا بك في بلدة ديري الشمالية في ولاية مين. إنها مدينة صغيرة عادية تمامًا كمسقط رأسك، لكن في ديري ثمة شيء مريع يستتر خلف هذا الشعور بالألفة. كانوا سبعة أطفال عندما تعثّروا في هذا الكابوس. الآن هم أشخاص بالغون خرجوا إلى العالم الواسع سعيًا وراء النجاح والسعادة. لكن الوعد القديم الذي قطعوه على أنفسهم منذ ثمانية وعشرين عامًا ينجح في لم شملهم وإعادتهم إلى المكان الذي صارعوا فيه الكيان الشرير النهم الذي يتغذى على أطفال المدينة. لقد بدأت الحوادث القتل من جديد، والآن، بدأت ذكريات سبعتهم المقموعة عن الصيف المروّع الذي قضوه في ديري تعود إليهم وهم يستعدون مرة أخرى لمواجهة الوحش الذي يتخذ مجارير ديري عرينًا له. يعرف قراء ستيفن كينغ أن لديري قبضة قوية ومظلمة على مخيلة الرجل. لقد ظهرت في كتب كثيرة له، من ضمنها صائد الأحلام، وحقيبة العظام، وقلوب في أتلانتس، .. لكن البداية كانت مع: الشيء. “أنضج عمل روائي لستيفن كينغ” جريدة سانت بطرسبرج تايمز “نموذج مثالي لبراعة كينغ .. درة تاج أعمال الرُعب.. نظرة واحدة على الصفحات الأولى لن تجعلك قادرًا على ترك الكتاب” جريدة سانت لويس بوست ديسباتشالتصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2018
- 1783 صفحة
- [ردمك 13] 9786144720172
- دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتابمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
فيصل
اعتقد ان كتاب الشيء معروف كفلم IT
وربما افلام الرعب قد لا تكون مرغوبة لدى البعض،
وكذلك كتب الرعب امثر منها مللاً للبعض،
ولكن بهذا الكتاب الظويل والذي في بدايته يبدو الملل وعدم الترابط، الذي يأخذ الكتاب حالته بهدوء مثل قطرات الندى التي تتجمّع حتى تشكل سيلاً متاكملاً مثل نهد الكندوسينق الذي ستحفظ اسمه غالباً من خلال قراءتك لهذا الكتاب، كيف ستجد نفسك تبتللع الصفحات من دون توقف، في محاولة لمعرفة الأمر الآخر، كتاب الشيء ليس كتاب رعب آخر وكفى، انه اقرب الى كتاب تاريخي عن قرية ديري، عن امامكنها واشخاصها وكل شيء بها، من ابطال الحكاية السبعة بيل وبن وادي وريتشي ومايك وستان والجميلة بيفرلي، الى جميع الآخرين منهم والأشرار ايضاً، الذين قد ترأف بحالهم احياناً، كل شيء بالكتاب من طوله الى بدايته المملة كان يدفعني لعدم استمراري بقراءته ولكن ما ان تعديت مرحلة ما لا اريد ان احرقها على من يريد قراءته، بدأ الكتاب يصبح كمعزوفة موسيقية جميلة لا تريدهت ان تتوقف، فهنيئاً لمن اراد ان يبدأ بقراءة الشيء للمرّة الأولى..
-
Aladdin Attopy
ترددت كثيراً قبل أن أشرع بقراءة رواية طويلة مثل هذه، ستبدو للقارء للوهلة الأولى أنها مملة وأحداثها متشعبة، انتظر لتعبر الفصل الثالث ليبدأ التشويق.
-
ياسين أ. سعيد
انتهيت أخيرًا من أحد أطول الروايات التي قرأتها في حياتي، (الشيء) لستيفن كينج.
ولما كان من الصعب طبع 1400 صفحة في كتاب واحد، فقد صدر العمل في جزئين.
عانيت بعض الشيء في سبيل إنهاء أول 50 أو 100 صفحة، خصوصًا أن ستيفن كينج يصف كل شيء في مدينة ديري التي تدور فيها الأحداث، ولا يترك شخصية رئيسة أو ثانوية إلا وأعاطاها روحًا وملامح وتاريخًا وشرحًا لصراعاتها الداخلية والخارجية.
كنت أظن أن هذه المدرسة ينتج عنها بالضرورة روايات مملة ولا تشجعك على الإكمال، لكن ستيفن كينج كان من القلائل الذي أثبتوا عكس هذه النظرية، فما إن انتهيت من أول 100 صفحة، حتى بدأت أندمج مع الأحداث والشخصيات، خصوصًا المراهقين السبعة؛ بيل وبن وستان وبيفرلي ومايك وإدي وريتشي.
العامل المشترك الذي جعلهم أصدقاء؛ أن كل منهم طفل معرض للنبذ والسخرية من أقرانه بشكل أو بآخر، ما بين: يهودي، أسود، متعلثم، بدين، مريض، سليط اللسان يرتدي نظارة، فتاة ضحية للفقر والعنف المنزلي.
أكاد أشعر بأن ستيفن كينج لا يحب هذه الثيمة لمجرد استدرار العواطف، أقصد ثيمة الأطفال المعرضين للتنمر، فقد كررها في (كاري) وأحد الشخصيات الرئيسية (كريسين)، بل أخمن أنه يعبر عن ذكريات عاشها بالفعل وتشكل له هاجسًا.
من بين المراهقين السبعة، أحببت بن، الطفل البدين مدمن القراءة، فذكرياته مع المكتبة تقريبًا تتشابه مع بعض ذكرياته طفولتي، لكنني كنت أصاب بالارتباك لتشابه اسمي (بين) و(بيل)، فتنيت لو اختار أسماء أكثر اختلافًا.
كان (بيل) هو قائد المجموعة، لكن راق لي أن المؤلف لم يجعله محور كل شيء، والمصدر الذي ينفرد بالكفاءة، فقد ذكر سطور الرواية، أنهم إذا أرادوا قائد، فكانوا يتطلعون إلى بيل، أما إذا أرادوا بناء شيء، يستشيرون بين، أما إذا تاهوا في مكان ما، فثمة شخص واحد موهوب بالفطرة، فيبدو وكأنه يمتلك بوصلة داخلية، إنه ستان.
لم أقرأ الكثير من الأعمال لستيفن كينج، لكن الروايات المعدودة جعلتني أتساءل:
- لماذا يقترن اسم ستيفن كينج بأدب الرعب؟ لماذا يعتبر البعض أعماله مجرد أعمال للتسلية؟
من وجهة نظري، أرى أن 70% من قوة أعمال ستيفن كينج لا علاقة لها بعنصر الرعب، بل برسم وبناء الشخصيات، إنه موهوب جدًا في استعراض صراعاتهم الداخلية والخارجية، فإذا لم يكن هذا هو العمق، فلا أدرى ما هو؟!
لا أقول أن أعماله تتسم بالعمق وليست رعب، وكأنني أنفي إمكانية وجود أدب رعب يتحلى بالعمق، فالرعب مثله مثل أي لون أدبي آخر، من الوارد أن يتناوله أحد بشكل خفيف أو بشكل عميق، لكن الفكرة أن جوهر إبداع ستيفن كينج –في رأيي- مرتبط بالوصف والشخصيات وصراعاتها النفسية، أما عنصر الرعب، فأجرؤ على القول على أنه جيد وأحيانًا مقبول، إذ لم أجد إبهارًا في شيء قادم من كون آخر، وأن الكون الخاص بنا نتج عن سلحفاة تقيأته بسبب مشاكل في معدتها، كما لم أشعر بأنني أمام جديد عندما قرأت فندق مسكون (البريق) أو سيارة يسكنها الأشباح (كريستين)، بل أحيانًا أشعر بأن هذه الأخطار كاريكاتورية الطابع بعض الشيء، ومع ذلك، ما أهمية ذلك في مقابل أبطال كينج النابضين بالحياة، الذين لا تملك إلا أن تتوحد معهم، وتصدق مخاوفهم بغض النظر عن ماهيتها.
ليس الأشخاص فحسب، قرأت تعليقًا منذ مدة يشير إلى أن مدينة ديري التي تدور فيها أحداث (الشيء)، تكرر ظهورها في أعمال أخرى لستيفن كينج، بل أن سلسلة (برج الظلام) تستلهم أحداث من رواياته الأخرى (الشيء) و(أرض سالم)، فمنتظر بمنتهى الشغف أن أعود إلى (ديري) مرة أخرى.
-
BookHunter MُHَMَD
في الماضي البعيد حينما كنت طفلا لم يتجاوز الثامنة بعد كان يجب المرور بغرفة الضيوف للذهاب إلى المطبخ لكي أشرب قبل أن أنام و لأنه كان بيتا للعائلة يتكون من عدة بيوت متداخلة كالمتاهة بحيث إذا دخلت من أحدها فيمكنك أن تمر عليها جميعا دون أن تضطر إلى الخروج للشارع حتى يستطيع جدي رحمه الله تفقد رعيته. لذا كان الكل أصحاب بيت و لم يكن ثمة ضيوف إلا فيما ندر و لذلك كانت الغرفة أغلب الوقت مظلمة و كنت أمر أمامها سريعا كالبرق خشية أن تمتد منها يدا أو يتحرك منها ظل أو تغمز منها جنية من جنيات حكايات جدتي فيبتلعني الظلام. كنت أخاف من تلك الغرفة لدرجة أنني نمت ليال طوال عطشا خشية هذا المرور المهيب على الغرفة أو سؤال والديّ أن يساعداني فيتهماني بالجبن.
استدعى ستيفن كينج كل هذا المخزون من الخوف في كل حركات و سكنات أبطاله من بداية خوف جورجي من القبو و حتى الخوف من اللعب في البرية أو أرفف المكتبة العامة و مضيت مصحوبا بتراكمات من خوف الطفولة إلى خوفي على هؤلاء الصغار الذين يتلاعب بهم الشيء من البداية للنهاية.
في البداية ظننت أن الشيء يقتنص الضعفاء و يتغذى على خوفهم فالأحداث تتصاعد بمقتل الطفل جورجي ثم مراهق شاذ ثم يهودي و هي الفئات الأضعف في مجتمعاتهم و لكنني كلما قرأت أكثر تبين لي كم يتلاعب بنا كينج كما يتلاعب الشيء بضحاياه.
الجميل في كينج انه يعطي البعد الانساني حقه في الرواية فيجعلك تعيش مع كل شخصية و تدرك ابعادها و حياتها بالكامل كأنك تعرفها تماما سواء كان ذلك له علاقة بالأحداث ام لا الا انه يجعلك تعيش مهم و كأنهم جزء من حياتك طول الرواية فكثرة التفاصيل تجعلك تندمج مع كل شخصية و تعرفها جيدا كراحة يدك رغم تنوع الشخصيات و عمقها.
انه لا يكتب رواية رعب و لكنه ببساطه يحكي لك تاريخ بلدة امريكية ريفية بكل تفاصيله و كأنك تعيش فيها لأجيال متتالية. يتتبع منابع الشر ليحلب منها الرعب و يصنع منها قوالب مزبدة بالإثارة و منكّهة بأسوأ كوابيسك الطفولية.
هل في العمر متسع لقراءة رواية رعب و اثارة تقارب صفحاتها ألفا و خمسمائة صفحة؟
قد يبو سؤالا وجيها للبعض سخيفا للبعض الآخر و لكن لن يعرف الإجابة إلا من ألقى بنفسه في التجربة.
في كتاب سيد الخواتم تقول إحدى الشخصيات: تفضي الدروب إلى الدروب. بمعنى أنه يمكنك السير بضع خطوات في طريق معتاد ممل كالرصيف المجاور لمنزلك و من هناك يمكنك الإرتحال إلى ... إلى أي مكان تقريبا. كذلك القصص تقود إحداها إلى الأخرى ثم الأخرى ثم الأخرى و قد ترتحل بك إلى منعطفات ترغبها و قد لا تفعل .. ففي النهاية قد يكون صوت الراوي هو المهم لا القصص التي يرويها.
إنهم كهؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم و زادهم هدى. الذين التجأوا إلى الكهف فنصرهم الله و غيبهم عن عدوهم حتى أظهرهم عليه. لا أدرى لم واتتني تلك الفكرة و لماذا كان هذا الربط بينهما. هل لشعورهم بالغربة عن البلدة أم لتصديهم لهذا الشيء الرهيب وحدهم؟ حقيقة لا أدرى.
ساقته هذه الفكرة إلى خوف مفاجيء غير مبرر.. و للحظة شعر بذلك الشعور الذي يعتريك عندما تدرك فجأة أنك سبحت بعيدا جدا عن الشاطئ و أن الماء يعلو رأسك و أنه لا أرض أسفل قدميك. ثم ومض حدس مباغت في عقله: نحن نساق إلى شيء ما. يجرى اختيارنا و اصطفاءنا. لا شيء من هذا مصادفة.
بلدة بالكامل تسبح في الشر دون أن تدري أو لعلها تدري من حيث لا تدري. كل حجر في ديري و كل من يتنفس يدرك أن هناك شيء ما يسيطر على الأجواء و يملأها بالشر في دورة من الفوضى تتجدد كل ربع قرن أو نحو ذلك.
يبدو أن الأمور السيئة - الأمور المؤذية – تزدهر في تربة هذه البلد الخصباء. لقد فكرت مرارا و تكرارا في الأمر عبر السنين. و لم أعلم لماذا تجري الأمور هنا هكذا ... لكنها كذلك.
سقطنا باكين أحدنا في ذراع الأخر و ظننت أن الأمر انتهى و أننا أنهينا مهمة دفنه بتلك الدموع المتأخرة. لكن من يدري إلى أي مدى يستمر الحزن؟ أليس من الجائز أنه بعد ثلاثين أو أربعين عاما من موت طفل أو أخ أو أخت أن يستيقظ المرء من نومه و يفكر في ذلك الشخص بذات إحساس الفقد و الفراغ. ذلك الإحساس بأن ثمة فجوة في روحه لن يملأها شيء قط و لا بعد الموت حتى؟
الشعور الممض بأن ديري باردة. أن ديري شاقة. أن ديري لا تولي أي اهتمام إذا مات أحدهم أو عاش. و بالتأكيد إذا ما انتصروا على المهرج بيني وايز أم لا. لقد عاش الناس في ديري مع بيني وايز بكل ظهوراته (بيني وايز هو تجسد للشر في كل العصور و بكل الأشكال) و هيئاته مدة طويلة جدا. و ربما بطريقة مجنونة أو بأخري استطاعوا فهمه. .. استحسانه .. الإحتياج إليه .. حبه؟ أجل .. ربما كان هذا أيضا صحيحا.
مشهد عودة بيل إلى ديري ليجد أغلب الذكريات قد تهدمت و حل محلها البنوك و مراكز التسوق في تصوير رائع للمادية التي ضربت بجذورها في المجتمع فأصبحت الروح أطلال و ذكريات في تمهيد لاستيلاء الشيء على كل تلك الأرواح الضعيفة المذعورة هو مشهد مرعب و مبدع في حد ذاته.
و لكن ما الذي يجعل سبعة أطفال يمتلك كل منهم عاهة أو نقصا واحدا على الأقل ينجحون في التصدي لما افترض الكبار أنهم لا قبل لهم به و أداروا له ظهورهم و تركوه و شأنه و كأنه غير موجود من الأساس؟
الأطفال أبرع من الكبار في مسألة معالجة الموت. و أنهم أفضل أيضا في دمج ما لا يمكن تفسيره في حياتهم الطبيعية. إنهم يؤمنون ضمنيا بالعالم الخفي. كما يأخذون المعجزات بكل أشكالها سواء الخيرة منها أو الشريرة في الإعتبار. .. أوه أجل بكل تأكيد. لكن هذا لا يعطل عالمهم بأي حال من الأحوال. و لو حدث أن وقعت لأحدهم صدمة مفاجئة - جميلة أو مرعبة - في العاشرة صباحا فإن هذا لا يعيقه عن الإستمتاع بشطيرة أو شطيرتي هوت دوج بالجبن على الغداء في الثانية لكن عندما تكبر يتغير كل شيء. لم تعد تستلقي مستيقظا ليلا في الفراش و أنت متيقن من أن ثمة شيئا رابضا في خزانتك أو يخمش زجاج نافذتك … لكن عندما يقع أمر بالفعل - أمر يتجاوز التفكير العقلاني - تتلقى دوائرك العصبية ما يفوق احتمالها. تبدأ المحاور و التشعبات في السخونة و يبدا جسدك في التوتر و الاهتزاز .. تفقد أعصابك و ترتجف و تتدحرج. تبدأ مخيلتك في التواثب و التلاعب بجهازك العصبي كما تشاء. لا تعد قادرا على دمج ما حدث للتو في خبراتك الحياتية ببساطة. هذا اللامعقول يأبى الإنسجام. عقلك لا ينفك عن الرجوع للأمر و عن تلمسه حذرا كهرة تتلمس كرة من الصوف ... ثم في النهاية – بالتأكيد – إما أن تفقد عقلك أو تذهب إلى مكان يستحيل عليك التفكير فيه بمنطقية بعد الأن.
و إذا حدث ذلك سيمسك بنا الشيء جميعا.
الأمر لا يتعلق الأن بجورجي فحسب. حامت أسماء كثيرة في رأسه: بيتي ريبسوم .. اكتشفت مجمدة على الأرض. شيريل لامونيكا استخرجت جثتها من نهر الكيندوسكيج. ماثيو كليمنتس .. مزع من فوق دراجته ثلاثية العجلات. فيرونكا روجان ... في التاسعة من عمرها و عثر عليها في مجرور. ستيفن جونسون .. وليزا ألبركت ... و الأخرون. و وحده الله يعلم كم ممن اختفوا بلا أثر.
رفع بيل يده ببطء: لنقتل هذا الشيء. دعونا نقتله حقا هذه المرة.
مرت برهة ظلت يده فيها معلقة وحدها في الهواء. كيد الطفل الوحيد الذي يعرف الإجابة الصحيحة. الطفل الذي يكرهه جميع الأطفال الأخرين.
في المرة الأولى كانوا صغارا و قادرين على المواجهة بلا خطايا و لا شرور بداخلهم تمنعهم من التركيز و تفقدهم القدرة على مواجهة الشر المحض بالخير المحض و لكن عندما عادوا وجدوا الشيء لا هم له إلا حثهم على العودة إلى ديارهم و كأن ديري لم تعد دارهم و أصبحوا عنها غرباء.
هل نداء عودوا الى دياركم موجه للأمريكيين بأن يعود كل منهم لموطنه ام هي للبشرية جمعاء بأن تعود الى طهارتها قبل تلوثها بدنس الخطيئة في موطنها الأول في الجنة أم لموطنها الأول كإبنة للطبيعة منقادة لها لا قائدة مدمرة؟
هل سنعود بالفعل إلى ديارنا ؟
رغم ذلك فإن نادي الخاسرين لا يعرف اليأس و لا يؤمن إلا بالمواجهة.
كانت العينان تتسعان و تتسعان و في المقلتين السوداوين اللتين في حجم كرتي تنس استطاع ريتشي رؤية دياجير مسعورة لابد أنها تسري عند حافة الكون. استطاع رؤية سعادة فاحشة شعر أنها قد تصيبه بالخبال. في تلك اللحظة أدرك أن الشيء يستطيع فعل أي من الأشياء التي ذكرها بالكامل بل و أكثر.
توالت أفكاره بشكل طبيعي و وصلت إلى اليوم الذي إلتقوا فيه جميعا في البرية. جميعا باستثناء مايك و كيف حكى كل منهم حكايته مرة أخرى: المجذوم أسفل الشرفة .. المومياء السائرة على الجليد .. الدماء الخارجة من البالوعة .. الصبية الموتى في برج الماء .. الصورة التي تحركت ... و المستذئب الذي طارد صبيين صغيرين عبر الشارع المهجور.
و على غرار الحكايات القديمة فإن قوتنا دائما في وحدتنا و في أن تبقى أيادينا ممتدة و متشابكة مهما بعدت بنا المسافات.
مد ريتشي ذراعه أماما و رغم أن مايك كان عند الطرف البعيد من هذه الغرفة الشاسعة استطاع أن يستشعر لمسة تلك الأصابع البنية القوية تقبض معصمه. و لكم كان هذا جيدا. تلك لمسة مُطَمئنة. من الجيد العثور على راحة في النزوع و نزوع في الراحة. العثور على حقيقة في الدخن و دخن في الحقيقة.
و من الضعف الكامن في براءة الأطفال جاءت القوة. أو هكذا أظن.
من أين تأتي كل هذه القوة؟ ما مصدر أي قوة بغض النظر عن طبيعتها؟ كيف يتحصل المرء عليها؟ كيف يستخدمها؟
بدا له أن حيواتهم قد تعتمد على إجابات عن تلك الأسئلة. في إحدى الليالي قبل أن يغط في النوم و في أثناء ما كان المطر يهطل بثبات على السقف و النوافذ تفتق في ذهنه أن سؤالا أخر أكثر أهمية يطرح نفسه بل ربما يكون هو السؤال الوحيد المهم. إن للشيء شكلا حقيقيا ما. لقد رآه تقريبا .. و رؤية الشكل كمعرفة السر. هل هذا ينطبق على فكرة القوة؟ ربما. هل يمكن أن تكون القوة كالشيء متبدلة الأشكال؟ إنها الطفل الذي يبكي في منتصف الليل ... إنها القنبلة الذرية ... إنها الكرية الفضية ... إنها الطريقة التي نظرت بها بيفرلي إلى بيل و الطريقة التي نظر بها إليها.
ما معنى القوة؟ ما المعنى الحقيقي للقوة على أي حال؟
القوة الأولي مظلمة و سريعة و تتمثل في فتن كقطع الليل مظلما تتغذى على الشهوات و الضعف و تعيد انتاج الشر في دورات متتالية متدافعة لا تنتهي حتى تبدأ مرة أخرى أقوى و أعنف و القوة الأخرى طيبة و لكن بطيئة لا مبالية تعتمد على الطهر و الحدس و الإيمان في المقام الأول و لن تسعفك و لا تساندك حتى تساند نفسك و كأنك لا تحتاج إليها.
الشيء في كفة و السلحفاة في الكفة الأخرى فهل سيكسب الخاسرون أم يعم الظلام إلى الأبد؟
الضياء العتيق و تلميحات اخرى توحي بأن الشيء هو القدر او نوع من أنواع إرادة الله و اشارات اخرى كثيرة تجعلني اميل لأن هذا هو ما يقصده المؤلف.
لكن يوجد حضور أخر هنا. أحس بيل بذلك .. استشعره و استطاع بطريقة ما غير معقولة أن يشمه. يوجد حضور هائل أمامه في الظلام. هيئة ما. لم يشعر بيل بالخوف من هذا الحضور و إنما برهبة جامحة. هنا توجد قوة تقزم قوة الشيء .. و قد كان أمام بيل متسع ضيق من الوقت ليفكر بغير اتساق: أرجوك أرجوك أيا ما كنت تذكر بأنني صغير جدا..
اندفع بيل نحو ذلك الحضور المهيب و رأى سلحفاة جبارة تتقد صدفتها بألوان كثيرة مشتعلة. خرج رأس السلحفاة الحرشفي التالد من صدفتها و شعر بيل فجأة باذدراء غامض للشيء الذي ألقى به إلى هنا. كانت عينا السلحفاة حنونتين. ظن بيل أنها ربما أقدم كائن يمكن لأي شخص تصوره .. أقدم كثيرا من الشيء الذي يدعي أنه أزلي.
لكن عندما تكلمت السلحفاة طمس صوت الشيء تماما. كانت السلحفاة تتحدث في عقل بيل و فهم منها بيل بطريقة أو بأخرى أن هناك أخر مغاير أيضا و هذا الأخر يسكن عدما يقع خلف هذا العدم. ذلك الآخر الأخير ربما يكون هو خالق السلحفاة التي تراقب فحسب و خالق الشيء الذي يقتل فحسب. هذا الأخر هو قوة خارج الكون. قوة تفوق كل قوة أخرى. موجد كل ما كان و كل ما سيكون.
مشهد انهيار مملكة الشيطان في ديري مشهد خيالي يفوق الوصف تفوق فيه ستيفن كينج على نفسه.
بانهيار الجسر الزجاجي بين مكتبة الأطفال و مكتبة الكبار ربما يلمح لنا كينج عن انهيار البرزخ المعرفي بين عالم الأطفال و عالم الكبار و توحدهم في عالم واحد لا يوجد به خوف لأنه مسلح بالإيمان بنفسه و بإيمانه بأنه لا شيء يستطيع أن يتغلب عليه إلا بضعفه و الشر الذي يكمن بداخله و أنه متى ما تخلص من هذا الضعف و الشر فسيكون في ذلك خلاصه و تحرره من كل خوف.
هكذا ترحل و أنت بحاجة ملحة كي تنظر خلفك .. تنظر خلفك مرة أخيرة لترى الغروب يتلاشى. لكن ربما اختلاس نظرة أخيرة ليس بالفكرة الجيدة جدا. كل القصص تقول ذلك. انظر ماذا حدث لزوجة لوط؟ من الأفضل عدم النظر خلفك. من الأفضل لك تصديق أن النهايات السعيدة موجودة في كل مكان .. و قد تكون كذلك بالفعل. من الذي قال أن مثل هذه النهايات لن تحدث؟ ليست كل الأشرعة التي تبحر في الظلام لا ترى الشمس مرة أخرى. إذا كانت الحياة تعلّم أي شيء على الإطلاق فهي تعلّم أن النهايات السعيدة موجودة بكثرة في كل مكان حولنا و هو الأمر الذي يجعل رجاحة عقل من لا يؤمن بوجود رب موضع تساؤل خطير.