وصف رائع لحالة الزهايمر التي يعاني منها ربحي:
" مرّ أمامي وتوقف هنيهة، وضع عينه في عيني، وحدّق بوقاحة. المرأة نائمة خلفي في السرير، مكورة إلى جانبها الأيسر، تشخر بانتظام، وتحرك رجليها كأنها منزعجة لا تعرف أين تضعهما، وهل تتركهما منحنيتين كما الجنين، أم مفرودتين بأريحية، أم متعالقتين، لقد بلغت بها الجرأة حدًّا لا يمكن السكوت عليه، كيف تمادت إلى حد جلب رجل غريب إلى حجرة نومي؟ لم تكتف بلقائه في الحدائق والممرات والحجر البعيدة، ولكنه هنا يقف بصلف في حجرة نومي، يحدق بي كأني من اقتحمت حجرته، يتربص بي كلص، بالطبع هو لص، ألم يسرق زوجتي التي لم تكن لي على أي حال؟ يقف في الجدار الفضي اللامع، يستعير حركاتي ونظراتي، يرتدي بيجامة شبيهة ببيجامتي، بلغت بها الحقارة حدّ تركه يرتدي ثيابي الخاصة بالنوم، هل يعني هذا أنه كان نائمًا إلى جواري الليلة الفائتة؟ ربما، لقد وقعت في نومٍ ثقيل كأنه الموت، لا بد أنها سقتني ما جعلني أفقد وعيي؛ لتأتي بالرجل الغريب، ولكني استيقظت قبلها، ورأيته واقفًا في الجدار الفضي، يحدّق بي ويسخر..."ص255
بقعة عمياء
نبذة عن الرواية
العميان أيضاً يحلمون، في منطقة الحلم البعيدة السـريّة أرى الحياة التي أتصوّر، لكني لم أعتقد لوهلة أن رؤيا شيطانية ستشقُّ عتمتي لأرى ما رأيت.عن الطبعة
- نشر سنة 2019
- 294 صفحة
- [ردمك 13] 9789923131343
- الآن ناشرون وموزعون
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية بقعة عمياء
مشاركة من ايمان زيادة
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Hala Taha
مراجعة رواية "بقعة عمياء" للكاتبة الأردنية سميحة خريس.
تتمحور رائعة سميحة خريس حول البقعة العمياء (Blind Spot).. ليس فقط في بصرنا (كحال نور ابنة نوال بطلة الرواية) بل في بصيرتنا أيضاً… في القلب والعقل والروح… بمفهومها الفلسفي العميق، وهو المعنى الأكثر قتامة! حيث يخفي هذا الغباش الداكن خلف ستاره جزءاً من الصورة.. صورة كل ما حولنا… فيشوش الحقيقة، ويسقينا الوهم ويحرفنا عن الطريق… فنتوه…
ربما إلى حد اللاعودة!
نرى بين سطور الرواية زمناً ماضياً تشوشت ملامحه في ذاكرتنا.. وحاضراً ثقيلاً لا نقوى على مرارته…
ومستقبلاً لا نور في آخر عتمته!
نشهد تحولات الزمان والناس… وحتى المكان الذي تركز بشكل أساسي في مدينة الشميساني في العاصمة الأردنية عمان.. فاختفى مقهى الفاروقي (كمثال موفق من الكاتبة) الذي كان يجمع نخبة المجتمع والمثقفين، واستبدله الرواد بمقهى السلطان الصاخب بشاشات المباريات الكبيرة وأغاني سيمون الشبابية… ثم انتشرت حوله "كافيهات" الأغاني الأجنبية ولوائح الطعام المعقدة التي تضاعف فيها سعر القهوة وتضاعفت معه الفروقات الطبقية حتى بدأت تنحسر الطبقة الوسطى، ترافقها الأخلاق والأحلام واليقين والأمان والسعادة والآمال!
ترسم الكاتبة باحترافية وعمق انعكاس التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على شخصيات الرواية… منذ الثمانينات وحتى الربيع العربي وآثاره الخريفية!
رواية عن عمر لم يجد ربيعه… عن الاستسلام وضياع الأحلام.. عن اللاخيار.. عن فقدان البوصلة.. عن النفَس بلا روح.. عن شخص غيرك في المرآة.. عن رؤية الكفيف للواقع والحلم.. عن الوطنية المزيفة… عن الثقافة الخادعة… عن سلطة المال… عن العلاقات الاجتماعية الهشة… عن نزف همومٍ لا ينضب… عن علاقة زوجية مسمومة.. عن انتظار النهاية.. عن شرور الذات اللاإرادية التي أنبتتها الظروف… عن الهروب إلى الهاوية… الانحدار والانحدار والانحدار… ومحاولة التعايش مع الذنب…
وعن الموت البطيء رزوحاً تحت ثقل المسؤولية واللامسؤولية.. تحت ثقل الشعور واللاشعور… والأقسى… تحت ثقل اللامعنى!
قد يكون أهم ما تقدمه هذه الرواية هو تلك الوصفة المثالية لبناء أسرة محطمة… أو بتعبير أدق، لهدم أسرة قبل أن تُبنى! فأسرة نوال لم تكن يوماً أسرة بمعناها الحقيقي… بل هياكل محطمة تلتف حول مائدة غداء، أو أمام تلفاز يتعاطون مع صوره وصوته كالأصنام.. وفي داخلهم تحدث الحياة… حزينة تائهة ضعيفة معقدة وغاضبة… فإن خرج صداها يدوي انفجاره عالياً ثم يختفي دون أن يتغير شيء… سوى زيادة الحطام رماد!
عندما تفتقر الحياة للحب والمال والإيمان في آن… يتسرب الأكسجين من كل خلايانا.. يختنق الأمل… تتسطح ملامحنا وتُعمى أبصارنا وبصائرنا…
وتصبح الحياة مجرد عيش!
نأكل ونشرب كي تمر أيامنا… ننام من إنهاك الخيبات والقهر… ونمرض من اليأس… ونموت من اللاحياة!
رواية "بقعة عمياء" رواية واقعية بامتياز.. ستصيبك في البقعة المبصرة من قلبك…
وستتساءل: ترى ما هو الجزء المحجوب من صورة ما حولي؟ وكيف يكون شكل الحقيقة مكتملاً؟!
#بقعة_عمياء
#سميحة_خريس
#روايات_أردنية
#تستحق_القراءة
#حلا
مراجعتي: حلا. طه