اقتباسات من رواية الغرق: حكايات القهر والونس

صدقتِ. الرجال جزم، لكن الحفا لا يطاق.

كان بها شيءٌ كأنه ليلة القدر. تحسُّه ولا تراه. تعلمه ولا تملكه يداك. هو هنا، لكن ما هو؟

‫ يعلم محمد سعيد الشيخ نقطة ضعف شقيقه هو دومًا محتاج إلى تأكيد عدم انحيازه إلى بيت البدري في كل موقف يواجه فيه بيت الناير بيت البدري تتجه أنظار أبناء العمومة والأقارب إلى حاج بشير تنتظر انحيازه وفي كل

‫ تطرب سكينة لذكر أهلها ليسوا عمد القرية، لكنهم كثرة لا تُضاهى في مرة حرجة كادت العمودية تأتيهم طائعةً من بيت الناير إلى بيت البدري مات العمدة سعيد الناير وليس له خليفة صالح أكبر أولاده محمد في العاصمة يدرس

‫لم أكن أعرف

‫أن عظام النساء كان مقدرًا لها

‫أن تكون متحفًا للمآسي

‫كما لو أننا كتب علينا أن نحمل البحر

‫دون أن نغرق!

‫..

‫لطالما تعجبت

‫كيف أن النساء اللواتي

‫يحملن الحرب في عظامهن

‫مازلن ينبتن الورود

‫من بين أسنانهن!

لكن! بعد كل هذه السنوات! ما معنى ما تفعله؟

‫ - إنه الحب يا بني آدم.

الله يسامح جدنا. هو الذي أوصانا ألا نعمل.

‫ لا يعرف أحد، ربما حتى الغجر أنفسهم، من هو هذا الجد. لكنه جوابهم الدائم لرفضهم الخدمة والعمل. يتحجَّجون بجدٍّ قديم أوصاهم ألا يعملوا أبدًا، وألا يسكنوا مكانًا واحدًا. الوصيتان هما ميراث الغجر الوحيد. لذلك يتنقلون ويتسولون. وعلى غفلة من الأهالي يسرقون. ليسو لصوصًا، لكنهم كالطير؛ لا يؤمن بملكية المزارع للثمرة الناضجة. ما وجدوه أخذوه. وما تمنَّوه تسولوه. ثم يحملون أشلاء حاجياتهم ويرتحلون.

زوَّجوه، فتزوج.

‫ حمَّلوه السلطة، فوضعها على كتفه ورمح.

‫ لم يُظهر ضعفًا، لكن ابنة عمه الجبارة قرأت خضوعه في أيامهما الأولى.

‫ الرضية ذات بأس وطبع شرس. كأنها ظل لجدتهما العافية. اعتبرت زواجهما تكليفًا أسريًا واجبًا. قامت به مخلصة بتطرف. نُحِتت من ذات الجبل الذي نُحِت منه أعمامه. التقاليد، والأسرة، والسلطة هم كل شيء.

‫ رأته الرضية يُؤمَر فيطيع مستكينًا. لا يبدو مخلصًا فخورًا. لا يبادر، إنما يمشي في ركاب أهله.

يعبؤون إن شُتِموا، ولا يملُّون إن رُفِضوا. يأتون في جماعات، ويغادرون في جماعات. يرتزقون بالارتحال، ويقتاتون بالالتقاط.

‫ لا صلات لهم بمكان أو شخص، إلا حكاية وحيدة عن العافية وبهية، كانت تحكيها عز القوم عن أمها الخرفة، ما حكاها غيرها بشر، ولا عرف الناس حقيقتها من خرافتها، لكنها تفسر بعض ما تراه حجر نارتي ولا تفهمه.

‫ ما عدا ذلك فالناس تعدُّهم فئرانًا كما دعتهم فايت ندو. يعدُّون طبعهم خرابًا، وقربهم مرضًا.

نحن وحيدتان ليس لنا أحد لا تغرَّنك الهياكل والعمائم الكلمات الحنونة، ودعاء "خالي" نحن وحيدتان ليس لنا أهل ولا مال ولا احترام كل اللائي يعانقنني يضمرن لي احتقارًا ليست الرضية وحدها من تحتقرنا نحن المتناسلون من اللامكان في قرية تتفاخر

‫ يؤمن أن أيام الشر قادمة. وأن هذه البلاد -بلا شك- غارقة.

لو كان تغير الزمان شيئًا نادرًا لما أزعجني. لكنها سنة الحياة.

لا شيء يكفي شر العسكر يا بشير. لا شيء يكفي شر العسكر. لكنه مبلغ حيلتنا.

كان يهواها ويحب كل ما بها. ولو تغير فسيُحب ما تغير.

‫ لا يحبها لما بها، لكنه يحب ما بها لأنه بها.

في الونس لا يهم ما حدث. إنما يهم أن تكون الحكاية ممتعة حين تُروى.

رحلته كانت طويلة جدًا. ربما إن واصل إغلاق عينيه؛ يرتاح. ربما إن واصل إغلاق عينيه؛ يراها.

نجوا من الموت، وما نجوا من الحياة.

هل يكفينا ذلك شر العسكر؟

‫ - لا شيء يكفي شر العسكر يا بشير. لا شيء يكفي شر العسكر. لكنه مبلغ حيلتنا.

الصمت غالبــًا هو ردُّهــا على كل ما يُوجَّه إليها من كلام. الصمت هو ثرثرتها المفضلة.

وما يأتي من السماء، له سبب. لكننا أقل شأنًا من إدراك حكمته.

‫ الحكمة هناك. لا نعرفها، لكن نصدقها.

‫ كالنور للأعمى. لم يره. لا يدركه. لكنه يؤمن به.