"كُل هذه الفوضى والترتيبات العشوائية لأمور ظننا أننا نمتلك زمامها تماماً تُثير دهشتي.
أتصور طوال الوقت أنني لن يدهشني شيء، لن يصدمني أشخاص أو أقارب أو أصحاب، ولن أعاني خيبة الأمل أبداً لأنني رأيت معظم الأشياء، وذهبت إلى معظم الأماكن، وقلت معظم الكلام، واشتبكت معظم الاشتباكات، رُبما أتصور ذلك بسبب فرط غروري وتضخم ذاتي التي تلقت صفعة مُحترمة على قفاها في السنتين المُنقضتين".
رواية "ترتيبات عشوائية" هي بنسبة كبيرة سيرة ذاتية للكاتبة نفسها. فبعدما شاهدت لقاء للكاتبة تقول فيه أن رسائلها الموجهة إلى والدها في الرواية تُمثلها.. شعرت أن باقي الرسائل كذلك تُمثل الكاتبة.. وأن كانت ليس بنفس دقة رسائل الأب.
الرواية كُلها عُبارة عن رسائل موجهة إلى أربعة أشخاص من البطلة التي لا نعرف اسمها.. ولكننا نعرف الأحداث من خلال هذه الرسائل التي تحدثت في كُل شيء.. الحُب والسياسة والفُقدان والخُذلان والأغاني والأفلام وحتى كُرة القدم.
كانت هُناك روح ثورية في كُل شيء.. روح ظننا أنها ماتت بعدما توفانا الله سياسياً.
فنعيش مع تقلبات البطلة من تقلبات صعود وهبوط وإن كانت الأخيرة أكثر بكثير.. تكاد تشعر أن البطلة عانت من كُل شيء.. أحياناً يكون الخطأ من جهتها.. وأحياناً يكون مرضاً لعيناً كالسرطان لا حيلة لها معه.
كانت البطلة ضحية للمجتمع الذي لم يتوانى في محاولة إغتصابها وهي بسن صغيرة.. وكانت ضحية لفُقدان الأب الذي كان يُمثل جدار تستطيع أن ترتكز عليه في أي وقت.
ولكن..
كان هُناك بعض علامات الإستفهام في الأحداث.. عن دور الأم على سبيل المثال.. كان يجب أن يتم زيادة المساحة الخاصة بالزوج أكثر من ذلك.
إلى جانب بعض الملل الذي قد يُصيبك من كثرة الرسائل -لو كُنت غير مُحب للرسائل- أما أنا فأحب الرسائل جداً وبالأخص الورقية.. التي تحمل رائحة الراسل وبصماته وكلماته.
في المجمل، رواية جميلة خفيفة وإن كانت سودواية جداً.. ولكنها صادقة في سوداويتها.