مراجعة القراءة الثانية بتاريخ: 13/03/2021:
"الفهد مُختلف عن القرد، ولكن هل أحدهما أقل أهمية من الآخر؟ لا بُد أنك تراه سؤالاً أحمق. إنك على حق. ابق على رأيك هذا، إذا تعلق الأمر بالبشر أيضاً. الاختلاف شيء طبيعي. كُل شخص مختلف عن الآخرين. أنا أيضاً مُختلف عنك. ولكن أن تكون أقل أو أكثر شأناً بسبب لون بشرتك أو مكانة أبيك، فهذا هراء."
رواية "البحيرة السوداء" عندما قرأتها لأول مرة شعرت أنها مُجرد رواية بسيطة تتكلم عن الصداقة وعن الاستعمار، ولكن كان دائماً ما يؤرقني حولها العديد من الأسئلة غير المُجابة، تلك الأسئلة غير المُجابة دفعتني لقراءة ثانية تخللها وقت عصيب بالنسبة لي.. ولكني رغم ذلك أرغمت نفسي على أن أفهم.. لماذا كُلما أنظر إلى الغُلاف أتوه في تلك البحيرة وأتخيلني جالساً أمامها.. أنها رواية غامضة كالبحر بلا شك.
مما لم أره في أول قراءة ورأيته في ثاني قراءة، هي القوالب التي تضعنا فيها الحياة.. لمُجرد أننا ولدنا في منطقة جُغرافية ما أو بلوناً ما، يتحدد مُستقبلنا بُناءاً على أشكالنا ولُغتنا.. فأوروخ وصديقه كانا يحلمان بحلم طفولي جميل، ولكنهما بُناءاً على شكل كُلاً منهما أفترقا في طُرق الحياة.. وأصبحا مُجرد ترسان في ماكينة الحياة.. وإن كان الراوي هولندي المنشأ جاوي الروح، يُحاول أن يخرج من هذا المُستقبل الذي حُدد له بُناءاً على جنسيته، بل ورُبما يكون قد نجح في ذلك. ولكن "أوروخ".. لا أظن ذلك.
الحكاية مليئة بسرد عظيم صراحة، أوصاف تجعلك بداخل الأحداث وتلك البُحيرات والغابات والأجواء الإستوائية والاستعمارية.. تنتقد الكاتبة ببساطة السياسات عن طريق موقف يكاد يكون طرحه بسيط للغاية، لا يُذكر، ولكنك ستستشفه بسهولة ويُسر.. أحببت القراءة الثانية للرواية ورفعت تقييمها من ثلاث نجوم إلى أربع. ودعني أختم بهذا الإقتباس الذي يُعبر عن حال أغلبنا:
"لقد ولى شيء إلى غير رجعة. لم نعد أطفالاً."
يُنصح بها.
---------------
مُراجعة القراءة الأولى بتاريخ: 23/02/2020:
بدأت هذه الرواية في بلد، وانهيتها في بلد آخر.
مثل حال الصديقان الهولندي وأوروخ.. بدأت الحكاية بهما طفلان متصلان لا يكادا يُفارقان بعضهما البعض.. وانتهت بهم الأحوال بعد العديد من السنوات مُنفصلان وقد فرقت بينهم كُل إعتبارات الدُنيا.
فالهولندي مُستعمر وأوروخ صاحب البلد.. ولكن شتان الفارق في أسلوب الحياة بين الأثنين.. وذلك ما سارت بهما الأحداث.. وذلك ما فرق بينهم.. فمهما كانت صداقتهما قوية.. فسيكون أصل كُلاً منهما سبباً قوياً لفصلهما.. ليكبر كُلاً منهم ليُصبح ما ولد ليكون.
على الرغم من صغر حجم الرواية الذي لم يتجاوز الـ140 صفحة ولكنها رواية مُمتعة غنية بالتفاصيل ستنقلك إلى تلك الجزيرة وتعيش في غاباتها وتشعر بجوها ووصف الكاتبة يجعلك تقرأ كأنك ترى حقاً!
وأيضاً على الرغم من صغر حجم الأحداث ولكنها تتناول فترة زمنية طويلة والقفزات التي قامت بها الكاتبة لم تُربكني ولم أشعر بخلل في أحداث القصة.
رواية "البحيرة السوداء" هي رواية مُمتعة صادمة وسوداء.. تتناول قضايا مُهمة مثل الإستعمار والصداقة والعلاقات الأسرية المُفككة.. بسرد تصويري رائع.
يُنصح بها بكل تأكيد.