اقتباسات من كتاب مذكرات الفريق عبدالمنعم خليل( حروب مصر المعاصرة)

كما أني وجدت روح ١٩٦٧ قد بدأت في بعض القادة، وكنت أحب ألا يحدث هذا والعامل الثالث أن القائد العام لم يكن لديه احتياطي يستخدمه، وهذا خطير وقبولي وقف إطلاق النيران هذه المرة يختلف عما حدث عام ١٩٦٧، فقواتنا ١٠

ومن جانبي كقائد جيش اتخذت خطوة جريئة بسحب قيادة الفرقة ٢١ مدرعة من الشرق إلى الغرب، وتمركزت في مكانها القديم واستطاعت السيطرة على القوات الموجودة في منطقتها بما فيها وحدات الفرقة الرابعة المدرعة التي أرسلت لتأمين الطريق إلى القاهرة وعناصر

وقال السادات في أول لقاء بعد إيقاف القتال: ‫ ـ لقد ضاعت ليلة منا في محاولة تدمير الثغرة ليلة ما وصل سعد إلى هناك! ‫ ولست أدري لماذا قال هذا وهو الذي عينه لهذه المهمة قد يكون ذلك تمهيدًا لتحميله

ولست أدري كيف لم يعلم وزير الحربية بموقف اللواء سعد مأمون حتى اليوم ٢٠ أكتوبر ١٩٧٣، وربما تكون الأحداث التي مرت بنا سببًا في عدم علمه

أن القيادة العامة دفعت قوات من الخلف للتعامل مباشرة مع الثغرة بأوامرها وتخطيطها، وهذا خطأ كبير في أسلوب القيادة والسيطرة على القوات. وكانت نتائج كل هذه المعارك المخطط لها خارج نطاق الجيش الفشل والخسائر التي لا مبرر لها!

كيف يمكن للقائد قيادة قواته والسيطرة على الموقف وهو ليس لديه سلطة تحريك جندي من الشرق للغرب، وهو الوحيد الموجود أمامه صورة الموقف وتطوراته السريعة واحتمالاتها في أرض المعركة، وكل التعاليم العسكرية ومبادئ القيادة تعطيه حق المناورة بالقوات كمبدأ حيوي

وهو الأمر الذي كان لا بد أن لا تتدخل فيه القيادة العامة مطلقًا وتحرم القائد من هذا الحق بل وتتوعده بالعقاب إذا أقدم عليه! كيف يمكن للقائد قيادة قواته

فوجئت باستدعاء الفريق سعد الشاذلي لي في صالون الاستراحة العلوي وخريطة الموقف أمامة وقال لي: ‫ ـ ما رأيك؟ الموقف خطير جدًّا وأنا عاوز أنزل مصر أقابل الرئيس وأطلب منه إيقاف القتال ‫ قلت له فعلًا الموقف خطير جدًّا، ولكني

وسمعت مكالمة من الفريق الشاذلي إلى العميد العرابي سعت ١٠٤٢ يوم ١٩ أكتوبر ١٩٧٣ يقول له: ‫ ـ الموقف أصبح سيئًا للغاية في الغرب والشرق ماذا نستطيع أن نفعل؟ ‫ وبالطبع لم يخطرني برد عرابي عليه في هذه اللحظات، ولماذا

وكان هذا أول إجراء لمحاولة شل قدرتي على قيادة قواتي والسيطرة عليها، والفريق الشاذلي شخصيًّا هو الذي اختارني قبل ٤٨ ساعة فقط لهذه المهمة الخطيرة

ولم يصدَّق على قراري هذا أيضًا! بل أخطرني وزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل بأن هذا ضد رغبة رئيس الجمهورية، وأنه لا يوافق على سحب أي وحدات من الشرق إلى الغرب، وأنه «زعلان مني»! وكيف أقود قوات وأتحمل مسؤولية تطهير

وللتاريخ أوافق الفريق الشاذلي على وجهة نظره هذه، وأضيف عليه ما قررته بعودة اللواء ١٥ المدرع من رأس شاطئ الفرقة ١٨ بالقنطرة شرق إلى الغرب ليكون الاحتياطي الوحيد لديَّ. وبالطبع لم يصدَّق على قراري هذا أيضًا

من لواء مدرع، وجاء اقتراحه بسحب عناصر من الفرقة المدرعة من الشرق، وكذا اللواء ٢٥ مدرع من قطاع الجيش الثالث وتوجه الضرب بقوة ٢ لواء مدرع من اتجاه غرب القناة إلى الشمال الشرقي، وفي الوقت نفسه يقوم اللواء ١١٦ مشاة

‫ الحقيقة أنني مررت بموقف لا أحسد عليه، فالقيادة العامة تصدر قرارات خطيرة وسريعة دون الرجوع إلى قائد الجيش الذي يجب أن يقدر الموقف التقدير السليم المبني على الحقائق ثم يتخذ القرار المناسب.

وتساءلت: أين نشاط قواتنا الجوية؟

‫ وسألت قائد مجموعة المعاونة الجوية في قيادة الجيش الثاني عنها، فقال إن المعاونة الجوية تأتي الآن رأسًا من القيادة العامة للقوات المسلحة ولا نشعر بها.

‫ هذه نقطة مهمة تحتاج إلى أكثر من استفسار!

وبعدما خلوت لنفسي لحظات برغم كثرة الاتصالات التلفونية من القاهرة التي دائمًا ما عكرت صفو تفكيري، وبعدما اطلعت عليه من وثائق وسمعت من معلومات وأحداث منذ يوم ١٤ أكتوبر، وهو توقيت دفع الفرقة ٢١ مدرعة للاشتباك شرقًا، وما حدث من

العدو، كما تم، لأول مرة في القوات المسلحة المصرية، دخول الجندي المثقف خريج الجامعة والمعاهد العليا في صفوفها، مع وضع الأسس والمبادئ العملية لتطوير أسلوب إعداد المقاتل معنويًّا.