عندما تحل شريعة الغاب محل القانون على نحو مطرد ، يصبح كل شئ متاح للمحتل دون النظر لحق اصحاب الارض من ولدوا وعاشوا وورثوا ارضهم عن اجدادهم ومع هذا يتم تجاهل كل هذه الحقائق بل لا يُعتد بأى وثيقة رسمية تؤكد ملكيتهم واحقيتهم لكل ما يُسلب منهم .
اكثر ما يدهشنى هو اننا كشعب ، لم نكف عن رواية قصة طردنا الجماعى خارج فلسطين ، لكن بطريقة مايشعر الفرد الفلسطينى بالخجل من أن يروى قصته الشخصية حول طرده من منزله وغرفة جلوسه وغرفة نومه .
فى هذه الرواية تروى سعاد الجابر. حكايات أسر. كاملة و شخصيات عادية يبكون مساكنهم التى سُلبت وذكرياتهم حنينهم الى بيوتهم التى بنوها وعاشوا فيها وتركوها مجبرين وحرموا من العودة اليها من ١٩٤٨ وبعضهم بعد نكبة ٦٧ ………
عاديية الأشخاص حيث انهم ليسوا رموزاً ولا أبطال مقاومة زاد من حميمية الحكايات وصدقها.
ماهى قصة المهندس انضونى برامكى المعمارى الشهير الذى صمم وبنى أشهر بيوت وفيلات القدس فاصبح لها طابع وطراز مميز يعرف باسمه (الطراز البرمكى ) …
ماذا فعل جابى الابن البكر للمعمارى الشهير فى محاولاته المتعدده والقضايا التى رفعها ووالده لاسترجاع ملكيته لفيلا انضونى البرمكى ؟كان يطلق عليها نور عينيه .
هل تتصور ان تتحول الفيلا الى متحف يدخله صاحبه بعد الحصول على تذكرة دخول يوم الافتتاح !
ماهى حكاية فيلا هارون الرشيد التى سكنتها جولدا مائير ومن هنا جاء اسم الرواية : جولدا نامت هنا … حتى رئيسة وزرائهم سكنت فى بيت عربى حاولت اثناء زيارة السكرتير العام للامم لها أن تزيل اسم الفيلا المحفور على الحائط الذى لم تهتم أو تنتبه اليه من قبل …
يسكنون فيها رغم أن فواتير الكهرباء والماء مازالت باسماء أصحابها الاصليين !
كيف يتفنن الاسرائليون فى اصدار كل ماهو غريب من القوانين لسلب بيوت ومنازل اصحاب الارض ،لا يكتفون بطردهم وتسكين المحتل بل وبيعها لهم واعتبار اصحابها من الملاك الغائبين رغم وجودهم وبقائهم فى منطقة اخرى بعد طردهم لكنهم اصدروا تشريعات تتيح لهم بيع الهواء ، حقوق الهواء اى الفضاء الذى فوق البيوت ! يعطون هذا الحق لرجل اعمال ليكون من حقه بناء ادوار اخرى فوق البيت الاساسى المكون من دورين مثلاً ،
يقول احد المعمارين صاحب احد هذه البيوت : انتظر حتى يطالبوا بحقوقهم تحت الارض باقامة مواقف للسيارات وأنفاق تحت عقارك ، حين سيصبح بيتك كساندوتيش الفلافل بين الحقين المزعومين فى السماء والجحيم !
فى جعبة اسرائيل افكار مبتكرة دائماً حين يتعلق الامر بسلب الفلسطينين حقوقهم ، سواء على الارض او تحت الارض أو فى البحر ، والآن فى الهواء .
قصص حقيقية لعائلات عدة الرابط بين كل الحكايات التمسك وبشدة بحق العودة او على الاقل اثبات ملكيتهم لبيوتهم التى بحكم قانون جائر سكنها اخرون وحُرم اصحابها من حتى
السماح لهم بدخولها كزوار بل ان بعضهم حُرم من مجرد التواجد بالقرب منها ورؤيتها من بعيد لانه على حد تعبير الشرطة هم يضايقون اصحابها الجدد ويسببون لهم الذعر …
سعاد العامرى قررت ان تدخل القدس لتصور بعض هذه البيوت لتروى حكاية اصحابها الاصليين كما وعدت جابى ان تروى حكايته كما كان يتمنى قبل رحيله ولتروى حكاية عائلتها فلقد كانت من ضمن العائلات التى تم الاستيلاء على بيوتهم بل وبيعها على اعتبار انهم كما أطلق عليهم القانون الملاك الغائبين رغم وجودهم حتى فى المحكمة كان القاضى يخاطب المعمارى انضونى بانه من ضمن زمرة الملاك الغائبين رغم حضوره المحاكمة بنفسه …
عمل أدبى يستحق القراءة كونه يروى حكايات العاديين من الناس مع وصف رائع للمكان بنظرة مهندسة معمارية من أهل المدينة التى يذوب فيها عشقاً كل من ينتمى اليها وعاش فيها وامتلك بيتاً من بيوتها …
......
غولدا نامت هنا
سعاد العامرى