في هذا الكتاب يعرض لنا العمري طريقته الفريدة في استخراج صور الواقع من سور القرآن الكريم، وكيفية الاستفادة من معاني الآيات والقصص والعبر القرآنية في فهم الواقع وتغييره أو العمل على ذلك على الأقل.
بين لنا في مقدمة الكتاب أن هذا ليس تفسيراً للقرآن بقدر ما هو فهم له واستنباط للمعاني التي تمس كل فرد منا، بمعزل عن الطرق التقليدية التي تفسر الآيات في سياقاتها الزمانية والمكانية واللغوية فقط دون الشخصية منها. فكان هدف العمري هنا هو جعل القرآن الكريم كتاباً شخصياً نستشعر منه خطاب الله تعالى لكل فرد منا على حدة كلما فتحناه لنقرأ من أي مكان فيه.
استطاع الكاتب بأسلوبه السلس المعتاد أن يستخرج عبراً كثيرة وعلائق متماسكة لم نكن نعلم بوجودها من قبل بين الآيات على الرغم من قراءتنا للقرآن مرات ومرات. وفي تدبر كل سورة كان هناك حكم وعبر وفوائد وعلاقات يشرح لنا عنها ويسقطها على نفوسنا ومشاكلنا فردية كانت أم اجتماعية.
كما يشرح في كتابه معاني بعض من المواضع التي كانت طريقة السرد القرآنية فيها غير واضحة تماماً للناظر من بعيد (كحال أغلبنا). وقد ساهم هذا في فهمي لكثير من الأمور بشكل أكبر وأعمق، وبالتالي زاد بهاء وعظمة تلك الآيات في نفسي.
أحببت الكتاب ووجدت أسلوبه جيداً وفيه ما فيه مما يصلح للاقتباس والتفكر. مأخذي كان بسطحية بعض التدبرات، كأن يشرح معنى آية ما بنفس كلماتها أو بأسلوبه الخاص ولكن بنفس المعنى تماماً. فحبذت لو لم تتم إضافة هذه الشروحات أصلاً بدل وضعها بين شروحات أعمق وأغنى وأكثر أهمية.
وضح العمري في المقدمة بأن معظم هذه التدبرات قد أخذها من تدبرات له نشرها على الفيسبوك في رمضان الفائت، فكان أخذها من هناك ووضعها هنا ولو مع التعديل أمراً غير محبب لي مطلقاً، فقد بدا واضحاً في بعض الأحيان الأسلوب "الفيسبوكي" المختصر أو المبسط في بعض الشروحات، وهذا مما لم نعهده أبداً من العمري ذي الكتابات العميقة واللغة البديعة والأسلوب الرائع المعتاد.
أسلوب الجمع واللصق، والقطع والبدء أفقد كثيراً من الجوانب زخمها وجمالها وساهم في قطع تسلسل الأفكار والتدبر اللذين كان الكاتب يدخلنا فيهما مع كل فقرة.
الكتاب كان رائعاً وخصوصاً في أجزاءه التي تناولت سورة الكهف فما بعدها، أنا فقط لم أجد شخصية العمري في هذا الكتاب كما في بقية مؤلفاته، ولكن هذا لا يعيب المضمون مطلقاً.
كتاب جيد وخفيف ويقرأ بسرعة فلا تغتروا بكثرة عدد الصفحات.
أنصح بقراءته الجميع وبخاصة من يحب تدبر القرآن ولا يجد لذلك سبيلاً أو مصدراً سلساً ومفهوماً.