بالنسبة لي لم أحبط التشتت الكبير للأفكار و العبور بين الشخصيات ولا طريقة التقدم في تعريف شخصيات الرواية و لا الضمائر المتغيرةكل حين.. لم احبب الرواية
التانكي
نبذة عن الرواية
الرواية المرشحة ضمن القائمة القصيرة لجائزة "البوكر" لعام 2020. هذا النص الذي يسكن مُكعَّب معاذ الألوسي مشتغلاً على تراكب العمارة والكتابة يترك القارئ في منطقة اختلال التوازن. إنّه نصٌّ يصعب ولوجه بالوسائل التقليدية، فإذا تورَّطتَ به/ تورَّطتِ به، ستلهثُ/ ستلهثينَ خلف سردٍ مُكثَّف يقطع الأنفاس، يختزل الزمن، ويحرق من خلفنا كل الجسور. أيُّ هستيريا؟ أيُّ شغفٍ؟ أيُّ وجعٍ؟ أيُّ لهفةٍ؟ أيُّ أسىً؟ أيُّ جنون؟ أيُّ تشبُّثٍ باسترجاع الأمل كما يسترجعُ آخرونَ الزمن السعيد؛ يجعلُ هذه الكاتبة العراقية تركض هكذا عبر تمزُّقِ الخرائط واستحالة الأوطان وضيق المنافي وتشظّي الحكايا، حاملة في جسدها، في لغتها جراحَ المكان المبتور بتعبير محمد الأشعري حتى الاضمحلال. التانكي روايةٌ يصعب أن تُحقِّق الإجماع، وهذا طبيعيٌّ بالنظر إلى فرادتها في المكتبة الروائية العربية. روايةٌ مسرَحُها حيُّ النُّخبِ البغدادية الحالمة بالمستقبل في المنتصف الثاني من القرن العشرين، نعود إليه الآن بعدما تغيّر العالم، وعبرت من هنا انهيارات ورِدَّات وحروب، لنقيس هول الخسارة وحجم الهزائم الفردية والجماعية. التانكي ومنذ صدورها بداية عام 2019، حظيت باهتمامٍ لافت من القرّاء والنقاد والمشتغلين بالصحافة الثقافية. تقول الكاتبة في حوارٍ مطوَّلٍ لها عن التانكي: «إنها رواية الخسرانين المتلعثمين في لسانهم الأصلي وعبر ألسنتهم الهروبية أيضاً». وهذا ما استدعى كتابةً غير نمطية حسب تأكيد الكاتب طالب الرفاعي: «التانكي ليست رواية نمطية، بمعنى حدث يتنامى وأبطال يشتبكون مع مصائرهم وحبكة تأخذ بالسرد إلى نهايته، فقد كتبت عالية روايتها بتهاويم وتيار الوعي واللاوعي، وكتبتها كأجزاء صغيرة متناثرة للوحة كبيرة». فيما ذهبت الصحفية بديعة زيدان إلى القول: «أنّ الروائية العراقية عالية ممدوح تنحو نحو سردٍ مختلف، قد يتخذ شكل المكعب الذي قال عنه "معاذ الألوسي" للشخصية المحورية "عفاف أيوب" بأن سنُصممه "معاً وندعو من نغرم بهم إليه"». أما الصحفية لنا عبد الرحمن، فأكدت تقمّص شخصيات الرواية للمكان، ذلك أنّنا: «نلحظ العلاقة المتميزة بين الشخوص الروائية والفضاء المكاني ضمن انعكاس لا يمكن معرفة أيّ منهما ترك أثره على الآخر أكثر (المكان أو الإنسان)، انطلاقًا من هذا يلحظ القارئ كيفية إدراك الأبطال وتمثّلات وعيهم للعالم».التصنيف
عن الطبعة
- 337 صفحة
- [ردمك 13] 9788832201031
- منشورات المتوسط
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتابمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Ahmed Alsabagh
في البداية انها قرائتي الأولى للروائية عالية ممدوح و لا أعتقد انها ستكون الأخيرة
الرواية لم تكن من نوع الروايات التجارية، الروايات التي تكتب لغرض تسلية القارئ و تمنحه حبكة بسيطة مع القليل او الكثير من الاثارة و لا تقدم له شيئا جديد.
أثر ما بعد الحداثة واضح في النص، أو هذا ما بدى لي على الاقل، صعوبة قراءة النص المتعمدة لينتج اكثر من معنى، يختلف بأختلاف كل قارئ، هكذا يصبح القارئ مشاركا في عملية إنتاج النصوص. هكذا يرى منظروا ما بعد الحداثة في مجال الاستاطيقيا ولا اعتقد ان هذا يكون صحيحا بالضرورة، بل كثيرا ما وجدت هذا الأمر يناقض ادعاءات أخرى في ما بعد الحداثة، بحيث ان ما ارادوه ان يكرس لموت المؤلف ضمن له مكانه أعلى بكل ما سبقوه. ما علينا من حديث ما بعد الحداثة و لنعود إلى النص.
في اوقاتا كثيرة شعرت بالتشتت من جراء كثرة الشخصيات و من التنقل بين ضمائر المخاطبة، و هذا امر لاحظت انه سبب تشوشا لعدد من القراء وليس لي فحسب. اللغة كانت بليغة و جميلة، رغم عدم تفضيلي لزج اللهجة المحلية ضمن الروايات، وهذا الأمر لا يتعلق بهذه الرواية فحسب بل بشكل عام، كنت افضل ان تكون الرواية باللغة الفصحى.
الفصل الخامس من الرواية كان صادما لي اكثر من اي فصل اخر لسبب الخطأ القادح الذي وقعت في السيدة عالية وهو وصف الانفصام بتعدد الشخصيات.
الفصام هو صغف او انعدام الترابط بين حواس الشخص او مدركاته و بين العالم الواقعي المدرك. اما تعدد الشخصيات فهو اضطراب الشخصية الثنائية او المتعددة. يختلف الاضطرابان عن بعضهما بشكل كامل، ما آثار استغرابي في هذا الأمر أن السيدة عالية ذكرت هذا الكلام على لسان مختص، و ذكرت في نهاية الرواية انها استشارات صديقتها المختصة في علم النفس، و في سيرتها الذاتية كتب ان تخرجت من الجامعة المستنصرية قسم علم نفس!!!!!.
أمرا اخر ورد في هذا الفصل اقتبسه هنا
الآنسة عفاف كانت لديها كلمة مخيفة، لم أصدّقها في بادئ الأمر، لأنها علمية جدَّاً، ولا أعرف من أين توصّلتْ إليها، هل قرأتْها في بحث، وهذا غير معقول، فالبحوث من هذا الوزن لم تُترجَم وتُنشَر في الصحافة، أم أن حالتها النَّفْسيَّة جعلتْها تتوصّل إليها، عندما قالتْ لي في إحدى الجلسات، وبصوت هادئ، وربّما طفولي:
الجنون موجود، دكتور، لأنه ضروري كالعقل. ❝
حقا هل يعد هذا الأمر البديهي للغاية حقيقة علمية خافية لا تنشر. ما يثير استغرابي انت الحدث في باريس و في حقبة زمنية عرفت تفجرا للأحتفاء باللاعقل، ملخص تاريخ الجنون، مؤلف ميشيل فوكو الذي اختفى به بسفينة الحمقى في مواجهة احتفاء الحداثة بالعقل البشري. ما بعد الحداثة التي لم تنتشر في مكانا ما من العالم كما انتشرت في باريس مهد ظهورها ما كان لها لمر لتحتفي به اكثر من الجنون او اللاعقل في مواجهة العقل. هذا الاقتباس استطيع ان اجد اشباها له في الكثير من كتب الفلسفة و الروايات و الأفلام و لا أود أن أقول انه كليشية، لكنه لم يكن متفردا ليثير الدهشة و الصدمة لدى مختص في هذا المجال، الدهشة الوحيدة التي خلفها لدي هذا الاقتباس ان يتم وصفه بهذا الشكل من قبل المؤلفة.
هذه الملاحظات على الرغم من بساطتها الا انها قد تعمل على تقويض العالم الخيالي الذي ندخله بأرادتنا لنتلمس فيه جماليات ربما يفتقدها الكثير من القراء في عالم الواقع، و كلما احسن الروائي أحكام هذا العالم كلما سهل علينا نحن الذين ارتضينا الدخول في هذا العالم الخيالي الاقتناع بقوة وجوده.
في النهاية تحية للروائية عالية ممدوح، تجربة قراءة التانكي كانت ممتعة بالنسبة لي.