الأعمال الشعرية 1976- 1984 (الجزء الثالث)
تأليف
معين بسيسو
(تأليف)
"اسمحوا لي أن أتحسس بوجع علني قطعة من قلبي سقطت أمس. زميلي وأحد رفاق طريقي وقصيدتي، معين بسيسو، خذله القلب فسكت في إحدى محطات المنافي الكثيرة.
تعرّفت على معين بسيسو في القاهرة، كان رفيقي في كل رحيل، فالى أين أرحل بعده؟ كان عاصفة من نشاط النحل… لم يتوقف عن الأمل والحلم الا ليهجو الزمن الذي عاش فيه. كان حضوره كاملا، فيم نملأ غيابه؟
خريج سجون بإمتياز، شاعر حاد الطبع واللغة، لا يضرب الا ليصيب، كرّس طاقته الشعرية الكبيرة لمواكبة السعي الفلسطيني الى هوية وثورة ووطن، وكان المؤرخ الوجداني للشقاء الفلسطيني الحديث، وكان مناضلا صلبا في كل المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية ضد محاولات طمس الهوية والشخصية الوطنية المستقلة والوجود الجسدي. كانت قصائده اليومية أثناء حصار تل الزعتر أسلحة صمود، وكانت كتاباته اليومية أثناء حصار بيروت أسلحة صمود وثقة عالية بقدرة الجسد والفكرة على التصدّي لوحشية الفولاذ، لأن إرادته كانت من فولاذ مضاد.
وكان حلمه الشخصي أن يموت هناك في كوخ على شاطئ غزّة التي اعتبرها أجمل المدن وكان يعدني بأن يبني لي كوخا على أجمل السواحل، كان يتحداني مداعبا بأنه سيرثيني، وأنني لن أعيش بعده. لقد كذب عليّ معين بسيسو لأنه لم يعد لي: لا كوخا ولا قبرا في الأرض التي نحلم بالموت فيها".
الشاعر محمود درويش.