قيمة هذا الكتاب في الوثائق التي اعتمد عليها وهي وثائق حزب البعث (عشرة ملايين وثيقة) التي لا تزال أجهزة السلطة الحالية في العراق ترفض إتاحتها للباحثين، لكن الكاتب استطاع أن يطلع عليها عندما كانت في حوزة الأمريكان!
والسؤال الذي يفرض نفسه: كم من الحقائق يمكن لها أن تتكشف لو أتيحت هذه الوثائق للباحثين والدارسين، بل كم من الدراسات ستظهر؟
عوداً على الكتاب هو أقرب إلى المقالة الطويلة منه إلى الكتاب، وقيمته في الوثائق التي أثبتها في نهايته، لكنه لم يكن أميناً في عرضها، ولا نزيهاً في حكمه عليها، والميل الطائفي واضح في تناوله لها، ومحاولته الدائبة وسم حزب البعث البائد بالتحيز المذهبي ضد الشيعة، كان يمكن للقارئ أن يصدقه لكن الوثائق التي أثبتها في نهاية الكتاب والمشتملة على محاضر اجتماعات حزب البعث تنفي هذه التهمة بل تؤكد أن حزب البعث لم يكن يعادي الحوزة لأنها شيعية بل لخشيته من قوتها السياسية التي يمكن أن تنال من نفوذه وهيمنته، وهذه الخشية هي التي طبعت تعامل حزب البعث مع جميع التيارات الدينية والفكرية والسياسية طوال مدة حكمه الـ(35) ، وحزب البعث كما ذكر كثير من المنصفين له: لم يكن منصفاً وعادلاً في شيء مثل إنصافه وعدله في توزيع الظلم والقمع والقتل والتعذيب على الجميع.
هذا الكتاب يفسده الهوى الطائفي، ويصلحه الوثائق الهامة التي أثبتها لمؤلف في آخره.