تنوّع الدلالات الرمزية في الشعر العربي الحديث
نبذة عن الكتاب
يعتبر الشعر من أكثر المواهب أهمية، قد ابتدعته البشرية لأن لغته تتخذ وظيفة جمالية تختلف عن وظيفتها الأخرى القائمة على التواصل والتفاهم. وظّف الشعراء اللغة للإرتقاء بها من المستوى العادي إلى المستوى الشعري القائم على الرؤيا، ما دفعهم إلى إعتماد الرمز وسيلة تعبير عن رؤاهم الشعرية، ورأوا من خلاله ما لم يره الآخرون، وفي نظرة سريعة إلى الرمزية ونشأتها، يرجحّ أن بداياتها الأولى كانت في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر في فرنسا كردّة فعل على الرومانسية والبرناسية والواقعية، واستمرت حتى أوائل القرن العشرين تعايش البرناسية والواقعية. وقد اتخذت هذه التيارات الفنية الرمز إحدى وظائفها التعبيرية، ومما لا شك فيه أن الرمزية في بعدها الفلسفي هي إتجاه إلى رؤيا العلاقة القائمة على الإنسجام في الكون والموسيقى، وهي المنطقة للكون بما هو عبارة عن مجموعة رموز، ويمكن حسبان نشأتها مرحلة تجديد في الشعر العالمي عموماً، وقد غدت بالتالي وسيلة لتحديد الشعر العربي، لأن الإنتقال إلى الرمزية في الشعر ترافق مع تغير بناء القصيدة العربية، وإعادة النظر في تنظيم القصيدة الموسيقى وبعدها الرؤيوي، إذ إن الشعراء لم يتخلوا عن الموسيقى التقليدية، بل أعادوا توزيعها؛ لأن الرمزيين رأوا أنها المنظمة للكون. وإلى هذا، فإن الرمز معطىً فكرياً يحمل بعداً ثقافياً، وينتقل إستخدامه هذا البعد من المعطيات الواقعية والتاريخية والدينية والأسطورية إلى معطيات فنية ثقافية جديدة يخلقها الشاعر ذاته، ويستقيها عادة من مصادر كثيرة منها: التراث الحافل بالموضوعات، والكتب الدينية بما فيها من قصص الأنبياء وتجاربهم، والطبيعة التي يحسبها الشعراء ملجأهم، يختارون منها مختلف رموزهم وتوجد بكثرة أيضاً في الأساطير القديمة؛ إذ يحوّلها الشاعر إلى رموز متنوعة تخدم فكرته. لقد إستطاع الشعراء إستخدام المعطيات الرمزية في أبعادها الثقافية وتحويلها إلى بنى ثقافية جديدة من إبداعهم، عبّرت عن الوضع القائم ورؤاهم الشعرية إليه، ورغبتهم في الثورة على الواقع، فبرزت مقدرتهم على الكشف والتوظيف، محققين التواصل بين الأزمنة الماضية والوقت الحالي؛ لأن الحياة سلسلة متتابعة بإرثها وثقافتها. ومن الشعراء الذين قامت نتاجاتهم الشعرية إلى الزخم التراثي، والديني والطبيعي الرمزي، بدر شاكر السياب، وخليل حاوي، وأدونيس ومحمود درويش وغيرهم... وهؤلاء الشعراء، وإن كانوا يعودون في أصولهم إلى دول عربية مختلفة إلا أنهم عاشوا ردحاً طويلاً من حياتهم في لبنان، مما يشير إلى إنتشار الرمزية في الأدب العربي بشكل عام؛ إستناداً إلى ذلك كله تأتي هذه الدراسة حول ظاهرة حضور الرموز التراثية والدينية والطبيعية والأسطورية عند هؤلاء الشعراء. وإلى هذا، فإن الإشكالية التي تعالجها الباحثة في دراستها هذه هي: كيف للشاعر الملتزم بقضبة قومية وطنية، أن يوفق بين إفادته من آلية التعبير الرمزي التي تقوم على الكشف، وبين ما يلحّ على نقله عبر نتاجه الشعري من محتوى رسالي، وثوري؟.. وما هي تلك الدلالات التي أفرزتها رؤى كل من بدر شاكر السياب وخليل حاوي ومحمود درويش وأدونيس من خلال المعطيات التراثية والدينية والطبيعية والأسطورية؟ وكيف فسح التاريخ بشخصياته وقصصه في إنتاج حساسية جديدة مع شعر هؤلاء مجنحة بالحاضر نحو الرؤيا كمعطى إبداعي؟ وما هي الرموز التراثية والدينية الأكثر توظيفاً في شعرهم؟ وكيف وظّفوها؟ وإلى أي مدى اعتمد هؤلاء الشعراء تنوّع تلك الرموز في تأسيس رؤاهم الشعرية؟ وما هي أوجه الإتباع والإبداع الأدبي الشعري عند هؤلاء الشعراء؟...عن الطبعة
- نشر سنة 2016
- 1062 صفحة
- [ردمك 13] 9786144324875
- دار الفارابي
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
44 مشاركة