هذا العمل لطيف ومكتوب بطريقة لذيذة عن الكتب ومؤلفيها وقرائها وناقديها. يسلط الضوء على ظاهرة انتشار الكتب، والتي لم يعد القارئ يجد متسعاً من الوقت لقراءتها. كما أنه يتعرض لظاهرة "التطبيل" لأعمال معينة، والتي يقع القارئ في فخها. حيث تنتشر العديد من المقالات التي تصف عملاً معيناً بأنه ممتاز، وأن على كل قارئ أن يقتنيه، ليتفاجئ القارئ بأن معظمه محض هراء.
يتناول الكاتب أيضاً المفهوم التقليدي للنقد بصورته الكلاسيكية، والتي تدفع ببعض النقاد أحياناً لاستخدام عبارات فخمة يشعر معها السامع أو القارئ أنها محض طلاسم وأنها فقط هالة يحيط بها الناقد نفسه ليعطي شعوراً بأنه المتمكن وحده من رؤية هذا العمل والقادر على الحديث عنه، وصولاً إلى الحديث عن الناقد الافتراضي الذي ظهر بظهور وسائل التواصل الاجتماعي. ضمن هذا الإطار، يمنح الكاتب في هذا العمل صوتاً للقارئ العادي أن يبدي رأيه، وألا يكون حكراً على فئة النقاد وحدها. حيث يتعرض للمواقع التي أتاحت هذه الفرصة للقراء مثل موقع جودريدز.
هذا الموقع الذي له محاسنه ومساوئه، (هنا أكتب رأيي أنا ) فأحيانا تمر بمراجعات لبعض الأشخاص، والتي تجد أن صاحبها فتح جلسة نميمة عن كتاب أو كاتب معين. تكون التعليقات جد ساذجة، وأحيانا جارحة. بالمقابل، هناك مراجعات مكتوبة بصورة لبقة، وتشجعني شخصياً لأن أبحث عن بعض الكتب لأفحص إذا كانت ستلقى اهتمامي وأقرؤها.
ومن القضايا التي ذكرها موضوع التقديس للأعمال التي تعتبر من الكلاسيكيات كأعمال دوستوفيسكي مثلا، أو جورج أوريل والتصور لدى الناس أن الجميع يجب أن يقرأها. وأيضا يتعرض لقضية التقديس لهذه الأعمال والتي إن خرج أصحابها من قبورهم لاستغربوا من التعصب هذا لأعمالهم. أعجبني جداً هذا الجزء، وأعجبني أنه هدم الهالة هذه حول الأعمال التي يصنفها العديد من الناس بأنها لا بد وأن تكون في بيت كل قارئ. فما يعجب غيري ليس بالضرورة أن يعجبني، والعكس صحيح. جداً كان مميز هذا الجانب الذي تطرق له الكاتب، كما وجعلني أضحك عندما استشهد بمارك توين عندما قال عن كبرياء وهوى والأعمال الروائية الأخرى لجين أوستن "أن المكتبة الجيدة هي تلك التي لا توجد فيها كتب لجين أوستن، حتى لو لم يكن فيها أي كتاب آخر. القراءة لجين أوستن مستحيلة تماما. أنه لأمر مؤسف حقاً أنهم سمحوا لها أن تموت ميتة طبيعية، فكل مرة أقرأ "كبرياء وهوى" تراودني الرغبة في نبش قبرها واقتلاع إحدى عظامها لأضربها بها على جمجمتها".
بالمجمل، هذا عمل لطيف، وأحببت الطريقة والروح المرحة للكاتب في تناول قضايا بهذا العمق.