نلاحظ بسهولةٍ عيوبَ الآخرين ولا نفطن إلى عيوبنا.
واحدٌ، ولا أحد، ومائة ألف
نبذة عن الرواية
«النَّصُّ الأكثر مرارةً من أيِّ نصٍّ آخر، السَّاخرُ أعمقَ ما تكون السُّخرية من تحلُّلِ الحياةِ نفسِها»؛ هكذا يصف بيراندِلُّلو، في رسالةٍ من رسائل سيرته الذَّاتيَّة، عملَه الرِّوائيَّ الأخير (هذا) الذي سينظر إليه كثيرٌ من الدَّارسين والمفكِّرين لاحقاً على أنَّه تكثيفٌ لكلِّ الأفكار واختصارٌ لكلِّ العوالم التي أراد بيراندِلُّلو التَّعبيرَ عنها في الرِّوايةِ والقصَّةِ والمسرح. ولا غروَ في ذلك إذا ما علمنا أنَّ بيراندِلُّلو عملَ خمسة عشر عاماً على إنجاز هذه الرِّواية، وقد قال هو نفسُه إنَّه أبداً لم يضعها جانباً بين عملٍ وآخر، بل واصل العملَ عليها والتَّعديلَ فيها، معتبراً إيَّاها بعد كلِّ شيءٍ أشبهَ بوصيَّته الفكريَّة والأدبيَّة. ومع ذلك، ليس من الإنصاف القولُ إنَّ هذه الرِّواية روايةٌ فكريَّةٌ فحسب، فهي وإن كانت تنطلق من فكرةٍ فلسفيَّةٍ ووجوديَّة إلَّا أنَّها لا تُغفِلُ الحدثَ الرِّوائيَّ وبناءَ الشَّخصيَّةِ الرِّوائيَّة، وهذا ما يجعلها في رأي كثيرين من طينةِ «المسخ» لكافكا، أو «يوليسيس» لجيمس جويس، أو حتَّى «البحث عن الزَّمن الضَّائع» لبروست.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2017
- 239 صفحة
- [ردمك 13] 9788885771055
- منشورات المتوسط
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتابمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
BookHunter MُHَMَD
من الأبيات الأثيرة لديّ. بيت لأمل دنقل يقول:
إني لأفتح عيني .. حين أفتحها .. على كثيرٍ. و لكن لا أرى أحدا.
اثنان على طريق واحد ينظران إلى السماء فماذا يرون؟
الأول رأى طائرة محلقة في السماء و الثاني لم ير إلا زرقتها الصافية.
ماذا دار بخلد كل منهما؟
الأول تذكر السفر و الترحال و استعاد صوت النداء على الرحلة رقم ستمائة و ثمانية المتجهة إلى لندن و همس المضيفة عند السؤال عن وجبته المفضلة و دعاء السفر.
الأخر تذكر حبيبته التي رحلت و لم يعد في الإمكان أن يلتقيا مرة أخرى. تذكر صفاء عينيها و براءتهما. سرح بخياله في عالم بعيد لم يدرك منه إلا بعض ظلال ملونه و أحلام لن تجيء.
ثم نظر كل منهما إلى الأخر و واصلا طريقهما غير عابئين بما رئيا و ما تداعى في ذهنيهما.
ما بالك إن كان الناظرون ثلاثة .. عشرة .. مائة .. أو مائة ألف. سيكون لدينا ألف ألف مشهد من مشهد واحد بتعدد المشاهدين له.
هذا عن السماء. فماذا عن الإنسان؟
أنت ترى أحمد صديقك الذي تعرفه بصورة مغايرة لمحمود صديقنا المشترك الذي يرى جانبا أخر من أحمد لا أتخيل أنا أصلا وجوده. بينما والديّ أحمد يرونه بصورة مختلفة تماما و كذلك اخوته. و لو اجتمعنا جميعا لوصف شخصية أحمد لما تطابقت روايتان اثنتان مهما كثر الجمع و كبر الحشد و زادت المعرفة.
الأعجب أن كل هذه الصور تختلف عن الصورة التي كونها أحمد عن نفسه و عاش على أساسها بين كل هؤلاء البشر.
هل لدينا هنا أحمد واحد أم مائة أم مئة ألف؟ أم أن لا وجود في الأساس لهذا الأحمد و لا يوجد في الواقع إلا تصوراتنا عنه التي شكلها وعينا بالحق أو بالباطل و كل حسب معرفته بأحمد و اختلاطه به و تعامله معه؟!
إذا فهو في النهاية لا أحد و هو واحد و هو مئة ألف أو يزيدون.
لا أعرف ان كانت الفكرة قد وصلت لك بهذه الطريقة أم ما زالت مشوشة. فالكاتب دار كثيرا حول هذه المعاني ناسجا رواية فلسفية عجيبة و جديرة بالقراءة و ان كانت ستصيبك بالملل و التشتت في أحيان كثيرة إلا أنها في النهاية تزداد تماسكا و اثارة كلما اقتربنا من النهاية.