*في اللحظة التي أنهيت فيها الديوان الذي قرأته للشاعر محمود عصام ووجدت في التعريف بالكاتب أن له ديوانين أخرين فوجدت أن واحدًا منهم بالفعل في مكتبتي فعدت للبحث عنه وبدأت فيه، لأجدنني في خلال ساعة ونصف اكتشفت ديوانين استمتعت بهم وتعرفت على شاعر أعتقد أنني سأتتبع ما يكتبه تاليًا.
*في هذا الديوان كان التنوع ملحوظ ولكنه يسير بفكرة واحدة وهي البُعد الرابع الذي قدمه لنا أينشتاين فمنح لكل شيء رؤية أخرى مختلفة تمامًا وهو بُعد الزمن.
الديوان مقسم إلى عدة فصول الفصل الأول كان قبل السويس ب2 كيلو، فكرة مبهرة وطوال قراءتها في ذهني إنها فكرة رائعة لرواية قصيرة، يحكي فيها الكاتب عن عدد من السيارات على الطريق قبل السويس ب2 كيلو ولكل سيارة منهم قصة مختلفة يتقابلون جميعهم في النهاية ربما في احداث حياتهم المختلفة أو حتى في الحادث الذي سيحدث لهم جميعًا أو لبعضهم على الطريق، محمود عصام يملك افكار جديرة بكل تأكيد أن تُحول إلى قصص أو روايات قصيرة، يتميز بأنه يمنح الشخصيات اسماء في قصائده وهو لم أقابله بشكل كبير في الكثير من الدواوين الأخرى.
*بين كل فصل من الديوان يضع الشاعر جزء يسميه نقطة فاصلة يعرفك على بعض الأشخاص الذي يجمع بينهم أفكار مختلفة، ثم يعود بك إلى الفصول التالية وجاء الفصل الثاني لو بكرة أتعاش في ست سنين ليحكي عن فكرة الشعور بالوقت ومحاولة النسيان في ثلاث قصائد مختلفة.
*بعد النقطة الفاصلة الثانية جاء الفصل الثالث إليك عني الذي كان عبارة عن جُمل سريعة يمكنني اعتبارها برغم جمالية بعض الجُمل إلا أنه الفصل الأقل في الديوان، ثم الفصل الرابع غرفة 59 التي يحكي فيه الشاعر عن غرفة معينة من عام 1987 وحتى عام 2005 في صورة قصائد مختلفة ولكل قصيدة صورة من رزنامة بتاريخ اليوم، من أجمل الفصول التي أثرت في، والفصل الخامس بُعد رابع الذي أظهر فيه جميع الأفكار التي يقدمها الكاتب بصورة أكثر وضوح عن الوقت وفكرة أن كلما طال عمرنا مازلنا نحتاج إلى وقت لنستكمل فيه ما لم نستكمله عندما كنا نملك الوقت لذلك في صورة اشخاص تجمعهم كلمة واحدة.
*أحببت الرسومات في بداية الديوان وفكرة رسم لوحات السيارات في فصل قبل السويس ب2 كيلو وفكرة رسومات باب الغرفة والرزنامة في فصل غرفة 59.
*وضع الكاتب أسفل كل قصيدة رابط لموسيقى على الساوند كلاود يمكن الاستماع لها عند قراءة القصيدة ووجدتها فكرة أكثر من رائعة، ففي تلك المرحلة أيقنت أن الشاعر محمود عاصم لا يفكر في منحك قصائد معبرة وقريبة من القلب فقط ولكنه يمنحك تجربة شعرية كاملة بداية من التصميمات والتنسيق والموسيقى والحالة التي يريد أن يجعلها تعيش فيها وهو ما يظهر لي من قراءة هذا الديوان والديوان التالي له من حيث الكتابة وهو استراحة إبريل.
جدير بالذكر أن الشاعر حصل عن هذا الديوان على المركز الأول في جائزة بشير عياد للشعر العامي عام 2017.
*اقتباسات:
"كان وجعه إنه سايبهم من غير توديع أو حتى سلام
كان نفسه العمر يزيد ساعة
كان في اعتذارات عالشماعة
كان لسه المفروض هيقولهم في سنين قدام"
"والإبن اتشلت أطرافه
على وضع ثبات
وسكوت وعياط
ووداع باهت"
"تعداد وجودك وقت ما احتاجتك رقم جارح
آخر غياب مكتوبلك امبارح
ياواخد كل حاجة معاك .. ولسه هنا
أنا في البُعد مش زيك.. طب إزيك
يا ساكن كل شراييني أنا بتوحشني أخبارك
يا أول حد يلغيني وأول واحدة تختارك"
"كل الحكاوي المخجلة والأسئلة الواقفة على أول لسانك
ولكل حاجة بتسكنك عافية ولبنت سكنت مدة مش كافية
خليك مكدب كل تفصيلة أولها كلمه.. لو
هي اللي بتخلي القديم .. للتو"
"سلم ايديك لإيدين تطبطب خير أو ترشدك لو ماشي عكس السير
الناس بتخلص كل يوم منك وأنت الوحيد المفترض إنك
تلقي اللي صالح ليك وتسيبه يسكن فيك بلا مدة
صدقني كل الخلق مش باردة ولا حابه نسيانك
انت اللي ساكن في البعيد جدًا"
"بس اللي جاي أحلى
صدقني أحسن حاجة في الرحلة
إنك آمنت في وقت عصيانك
وإنك قدرت تذل سجانك
وفضلت شيء طيب أوي
جواك نضيف.. إنسان سوي"
"الزاوية اللي بتحكيلك شيء مش شرط تكون صدقت في السرد
الوقت بطبعه مريض شكاك ونوفمبر برد"
