- الإنسان أصله بسله
= نعم ؟!
- زمبقولك
= يا عم بتقول ايه ما تبطلوا اللي بتشربوه ده
- يا ريت يا صاحبي. بنحبه و الله و مش هانقدر نبطله.
ندين بالفضل لبعض حبات البسلة و خليط متنوع من طيور جزر الجلاباجوس و ذبابة الفاكهة و فئران التجارب. لولاهم ما وصلنا هنا.
من مندل إلى دارون و من ثم واطسن و كريك إلى آخر عالم ورد اسمه بهذا الكتاب الجميل يسرد لنا الكاتب حكاية الجين .. تاريخه .. و ربما مستقبله أيضا.
❞ وماذا لو تعلمنا تغيير شفرتنا الوراثية عمدًا؟ لو كانت تلك التكنولوجيا متاحة، مَن كان سيتحكم فيها، ومَن سيضمن سلامتها؟ مَن الذين سيصبحون سادة تلك التكنولوجيا، ومَن هم ضحاياها؟ وعلى أيّ نحو ستعمل حيازة هذه المعرفة والتحكم فيها - وما تستتبعه من غزو محتوم لحيواتنا الخاصة والعامة - على تغيير الطريقة التي نتخيّل بها مجتمعاتنا، وأبناءنا، وأنفسنا؟ ❝
[image]
❞ البنية الفيزيائية للجزيء تمكِّن طبيعته الكيميائية، والطبيعة الكيميائية تمكِّن وظيفته الفسيولوجية، وفي النهاية تسمح له وظيفته الفسيولوجية بإنجاز نشاطه البيولوجي. يمكننا النظر إلى الأنشطة المعقّدة للكائنات الحية بوصفها طبقات: فيزياء تمكِّن الكيمياء، وكيمياء تمكّن الفسيولوجيا (وظائف الأعضاء). هكذا يستطيع عالِم الكيمياء البيولوجية الإجابة عن سؤال شرودنغر «ما الحياة؟» أن يكمل العبارة: «ما الحياة إنْ لم تكن كيماويات؟». وقد يضيف عالِم الفيزياء البيولوجية: «ما الكيماويات إنْ لم تكن جزيئات من المادة؟». ❝
[image]
❞ شأن مثلث فيثاغورس، شأن رسوم الكهوف في «لاسكو»، شأن أهرامات الجيزة، شأن صورة كوكب هشٍّ تُرى من الفضاء الخارجي، أصبح لولب الدنا المزدوج صورة أيقونية، حُفرت على نحو مستديم في تاريخ الإنسان وذاكرته. ❝
[image]
❞ أدرك سانغر أنه من أجل التوصل إلى تتابع الجين، يجب على المرء أنْ يفكّر مثل جين. الخلايا تبني الجينات طوال الوقت: كل مرّة تنقسم فيها الخليّة، تصنع نسخة من كل جين. فإذا استطاع عالِم الكيمياء البيولوجية أنْ يربط نفسه بالإنزيم الناسخ للجينات (الـ«دنا بوليميريز»)، وأنْ يمتطي ظهر الإنزيم أثناء عمله على نسخ الدنا، وأنْ يسجّل الخطوات التي يقوم بها الإنزيم وهو يضيف قاعدة فوق أخرى - A, C, T, G, C, C, C، وهكذا - فلسوف يتوصل إلى معرفة تتابع الجين. كان الأمر أشبه باستراق السمع لماكينة نسخ: تستطيع إعادة بناء الأصل من النسخة. مجدّدًا، الصورة سوف تلقي الضوء على الأصل - سوف يُخلق «دوريان غراي»، قطعة تلو أخرى، من صورته. ❝
[image]
❞ لقد تركت تكنولوجيا الاستنساخ الجيني وتحديد التتابع الجيني أثرها في كلّ حقل من حقول البيولوجيا. وإذا كان علم البيولوجيا التجريبية هو «الموسيقى الجديدة»، إذن فالجين هو المايسترو، والأوركسترا، والتيمة الأساسية، والآلة الرئيسيّة، والنوتة الموسيقية. ❝
[image]
❞ في أول أيام عام 1974، أعلن باحث يعمل مع كوهن في ستانفورد أنه أدخل جين ضفدع في خلية بكتيرية. هكذا، تجاوز العلم حاجزًا تطوريًا آخر، عَبَر حدًا آخر. في البيولوجيا، وبحسب تعبير «أوسكار وايلد»: «أنْ تكون على طبيعتك ليس إلا وضعية للتصوير». ❝
[image]
❞ نبض العلم هو أنْ تحاول فهم الطبيعة، ونبض التكنولوجيا هو أن تحاول التلاعب بها. لقد دفع الدنا المولَّف علم الجينات من مضمار العلم إلى مضمار التكنولوجيا. لم تعد الجينات أشياء مجردة. أصبح بالإمكان تحريرها من جينومات الكائنات الحية حيث ظلّت حبيسة لآلاف السنين، نقلها بين الأنواع، ومضاعفتها، وتصفيتها، وإطالتها، وتقليصها، وتحويرها، وإعادة خلطها، وإحداث طفرات عليها، وخلطها، وتوفيقها، وقصُّها، ولصقها، وتحريرها بالقطع والوصل؛ أصبحت مطواعة بلا نهاية أمام التدخّل البشري. لم تعد الجينات مجرد موضوعات للدراسة، بل صارت أدوات للدراسة. ❝
[image]
❞ «القصور هو جنّتنا»، هكذا كتب «والاس ستيفنس». إذا كان دخول علم الجينات إلى عالم الإنسان قد علَّمنا درسًا واحدًا مباشرًا، فالدرس هو أن القصور ليس جنتنا فقط، وإنما، على نحو لا ينفصم، عالمنا الفاني. كانت درجة التنوع الجيني في الإنسان - وعمقه وتأثيره على الباثولوجيا البشرية - غير متوقَّعة ومدهشة. تبين أن العالم شاسع ومتنوّع. إن التباين الجيني هو حالتنا الطبيعية - ليس فقط في الجيوب المنعزلة في الأماكن النائية، ولكن في كل مكان من حولنا. والمجموعات السكانية التي تبدو متجانسة، في حقيقة الأمر، متباينة على نحو مذهل. لقد رأينا الطوافر - فوجدنا أنها نحن ❝
[image]
❞ وإذا كان جينوم «هيموفيلوس» نجح في تركيع علماء الجينات على رُكَبهم تقريبًا من فرط الدهشة والاستغراب سنة 1995، كان لجينوم الدودة - أول عمليّة تحديد تتابع كاملة لكائن متعدّد الخلايا - أنْ يجعلهم يخرُّون ساجدين. كانت الديدان أكثر تعقيدًا من الـ«هيموفيلوس» بما لا يقارَن - وأكثر شبهًا بالإنسان بما لا يقارَن. كان لديها أفواه، وأحشاء، وعضلات، وجهاز عصبي - بل لديها مخ بدائي. تلمس، وتشعر، وتتحرّك. تدير رؤوسها بعيدًا عن المثيرات الضارة. تختلط اجتماعيًّا. وربما تشعر بما يشبه قلقًا دوديًا عندما ينفد غذاؤها. وربّما تشعر بنبضة عابرة من الفرح عندما تتزاوج. ❝
[image]
❞ إنه يتكوَّن من 3,088,286,401 حرف من الدنا (تقلّ قليلًا أو تزيد قليلًا؛ التقدير الأحدث يقترب من 3.2 مليار حرف).إن نُشر في كتاب بحجم الخط القياسي، سوف يحتوي أربعة أحرف فقط… AGCTTGCAGGGG… وهكذا، تمتدّ، بإلغاز، صفحة تلو أخرى، لنحو 1.5 مليون صفحة - أيْ أكثر بستة وستين ضعفًا من «دائرة المعارف البريطانيّة». ❝
[image]
❞ إذا حدث تغيير في البناء الجزيئي لمستقبِل مسؤول عن إرسال رسائل «المكافأة» للخلايا العصبية في المخّ، يمكن أنْ يتسبّب في تغيير في طول الزمن الذي يشتبك فيه جزيء واحد بمستقبِله، ليس إلّا. قد تستمرّ الإشارة التي تنبعث من تنويعة المستقبِل هذه نصف ثانية زائدة فقط في الخلية العصبية. مع ذلك، فهذا التغيير كافٍ لإمالة إنسان باتجاه الاندفاعية، وآخر باتجاه الحذر، أو إمالة إنسان باتجاه الهوس وآخر باتجاه الاكتئاب. هذه التغيّرات الطفيفة في الحالات الجسمانية والعقلية قد تُنتج تصوّرات وخيارات ومشاعر معقّدة. من ثم، يتحوّل طول زمن التفاعل الكيميائي إلى، مثلًا، اشتياق لتفاعل عاطفي. الرجل النازع للفصام يفسَّر الحوار مع بائع الفاكهة باعتباره مؤامرة لقتله. أما شقيقه، صاحب الميل الجيني تجاه الاضطراب ثنائي القطبية، فيفسِّر الحوار نفسه بأنه قصّة رمزية مهيبة عن مستقبله، ويقول في نفسه «حتى بائع الفاكهة يعرف مستقبلي المشرق». هكذا، يصبح بؤس قومٍ عند قومٍ سحر وروعة. ❝
[image]
❞ إذا قرأت السيناريو بحرص، لوجدته مثيرًا للعجب ولنوع من الغثيان الأخلاقي. التدخلّات الفردية قد لا توسّع حدود الانتهاكات - بل إن بعضها، مثل العلاج الموجَّه للسرطان، والفصام، والتليف الكيسي، يمثّل أهدافًا بارزة لعلم الطب - لكن صورة هذا العالَم تبدو غرائبية على نحو مميّز، بل منفّر. إنه عالَم مسكون بـ«مترقبي النجاة» و«ما بعد البشر». قد تزول الأمراض واحدًا بعد آخر، لكن قد تزول معها الهوية. قد يتضاءل الكرب، لكن قد تتضاءل معه الرقّة. قد تُمحى الصدمات، لكن قد يُمحى معها التاريخ. قد يُستأصل الطوافر من الوجود، لكن قد يُستأصل معهم التنوّع البشري. قد تختفي العلل، لكن قد تختفي معها الرهافة. قد تُكسر حدة الصدفة، لكن، حتمًا، سوف يتراجع الاختيار. ❝