هذا العمل برأيي كارثي ومن جوانب عديدة على الرغم من جهد الكاتبة لعرض قضية خارج سياق بيئتها ولكن كان فيه سقطات وأخطاء كثيرة:
١) هناك عدم دقة في موضوع الجغرافيا والمسافات بين المناطق التي عرضتها الكاتبة ما بين الخليل وقطاع غزة. الكاتبة عرضته بشكل وكأن المناطق قريبة من بعضها.
٢) موضوع تبادل الرسائل من خلال مكتب البريد: صحيح أن الكاتبة نوهت في نهاية العمل أن هذا كان تصورها للموضوع وأنها تدرك أن الرسائل يتم فحصها وقراءتها من قبل إدارة السجون، لكن الأمر في السجون أعقد من ذلك بكثير وما طرحته لا يعكس الواقع حيث الكثير من الرسائل يتم تهريبها بطرق مختلفة مثال على ذلك الأسير والكاتب الفلسطيني باسم خندقجي والذي هرب كل رواياته من خلال كبسولات في أمعاء رفاقه ممن تم إطلاق سراحهم. لذلك، موضوع الرسائل ليس بالسهولة التي طرحتها الكاتبة.
٣) موضوع دخول أهالي الضفة الغربية لقطاع غزة. من بعد الحصار الذي فرض على قطاع غزة. لا يوجد فلسطيني من الضفة الغربية يستطيع الدخول لقطاع غزة من دون تصريح، كما لا يستطيع أي فلسطيني من غزة الخروج للضفة الغربية من دون تصريح. في العمل، ذكرت الكاتبة أن حبيب سلمى بعد تحريره، سافر للأردن ومنها القاهرة وانتظر لساعات لدخول معبر رفح دون أن تشير لفكرة التصريح وصعوبة الحصول عليه.
٤) أيضا فيما يتعلق بموضوع التصاريح، الأشخاص الذين يتم اعتقالهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، عادة يقضون فترات طويلة قبل أن يحصلوا على تصاريح تمكنهم من دخول المناطق الممنوعة على أهل الضفة الغربية مثل القدس، مناطق ٤٨ المحتلة، وقطاع غزة. وفي كثير من الحالات وهي الغالبة لا يحصلون على تصاريح بالمطلق، حتى أن منهم من يفرض عليه إقامة جبرية في منطقة سكنه ومنهم من يمنعون حتى من السفر للخارج. الكاتبة لم تتطرق لهذا الموضوع أيضا.
٥) فيما يتعلق بموضوع دخول أهل الضفة الغربية لقطاع غزة، كما قلت يتم ذلك من خلال تصاريح من قبل الاحتلال ولا يحصل عليها الجميع كما أن دخول أهالي الضفة الغربية للقطاع يتم من خلال معبر إيرز وليس معبر رفح كما ذكرت الكاتبة.
٦) ذكرت الكاتبة أن فارس حبيب سلمى احتاج فقط لستة شهور حتى يستطيع أن يحصل على تصريح لسلمى لمغادرة القطاع معه إلى الضفة الغربية بعد أن أظهر للسلطات الإسرائيلية عقد الزواج وهذا ليس منطقياً حتى في فترات الهدوء الأمني، حيث أن معاملات لم الشمل تأخذ سنوات طويلة وهناك من الحالات الكثيرة التي ترفض سلطات الاحتلال إصدار تصاريح لها للخروج من غزة لتعيش في الضفة الغربية.
٧) أما الجانب الكارثي الآخر هو كيف عرضت الثقافة الفلسطينية في موضوع التعاطي مع علاقة الرجل والمرأة. طبعا هي جعلت التقاء سلمى بفارس بوليودي بحيث جاء فارس لغزة دون علمها وطلبها من والدها وجاء والدها ليعرفها على زوجها لتتفاجأ بأنه حبيبها. الكارثة في كيفية تصوير ردة فعل الوالد عندما احتضنت ابنته حبيبها أمامه وقام فارس بتقبيلها على شفتيها وأن الأب لم يعترض على ذلك إنما خرج وأغلق الباب خلفه. لا أدري من قال للكاتبة أن التعاطي مع هكذا تصرفات في سياق العائلة الفلسطينية يتم على هذا النحو مهما بلغت درجة تحرر العائلة. الأب الذي كان يخشى الفضيحة لأن سلمى كانت تدخن، ببساطة تركها بين ذراعي رجل غريب وصل لتوه من الضفة الغربية وأغلق الباب على ابنته وهذا الغريب يقبلها!!
٨) بشكل عام، العمل فيه رومنسية ساذجة، مثل قصص عالم عبير. لا يوجد نضج في طرح ثيمة الحب، إنما كانت ساذجة وسطحية.
ملاحظة: نوهت الكاتبة في آخر العمل تحت عنوان رسالة للقارىء أن هذا العمل هو من وحي ما كانت تأمل أن يكون وأن هناك بعض التفاصيل غير الدقيقة كما عرضتها يتناقض مع الواقع. هذا برأيي ينقذها نوعاً ما من المعلومات المغلوطة التي ذكرتها، ولو أنني مصرة على أنها يجب أن تتوخى الدقة لا سيما فيما يتعلق بجغرافيا فلسطين، موضوع التصاريح والتنقل عبر المعابر ومدى صعوبة ذلك وليس كما ذكرته هي. لكن هذا التبرير لا يغفر لها الاستهزاء بعقل القارىء في مواضع كثيرة خاصة فيما يتعلق بثقافة المكان وعاداته وتقاليده. موضوع تعامل الأب مع ابنته التي تركها مع رجل غريب يقبلها ويغلق خلفة الباب كان كارثي وحالمي بشكل ساذج وغيره مواقف كثيرة استسهلت الكاتبة فيها فخرج العمل كارثياً.
هناك عتب ولوم كبير على دار الآداب في نشرها هكذا عمل دونما تحرير وتدقيق وتأكد من صحة المعلومات. لم يعجبني العمل بالمطلق ولا أنصح به!