تجربتي الثانية مع جورج أورويل بعد "مزرعة الحيوانات"...
الحقيقة بأن معيار التعامل مع هذه الرواية على أنها رواية لمجرد التسلية والسرد القصصي هو أمر مجحف.
لأن خيوطها متشابكة مع مجالات شاسعة ومهمة خاصةً في علوم السياسة والإجتماع والنفس، ولكونها تنطبق في ظروفها وأفكارها على عدة أنظمة شمولية قمعية (بعيدًا عن أهداف ودوافع أورويل، وظروف كتابته لهذه الرواية)، بعضها قد عايشناها سابقًا خلال القرن الماضي، وبعضها لا زال يبطش بالناس إلى الآن.
لفتتني عدة أفكار في الرواية وقد انبهرت بطريقة طرحها في السياق القصصي للرواية، حيث لم أستطع منع تفكيري من القيام ببعض الاسقاطات على أحداث واقعية وأنظمة حالية تتفق طرحها وسلوكها مع الأخ الأكبر ووزاراته المخادعة.
فكرة تغيير الماضي وجعل الشخص مجرّدًا من كل دليلٍ مخالف لأكاذيبهم! فكرة التخلص من الخصوم بعد إخضاعهم جسديًا وعقليًا، كي لا يموتوا وهم منتصرون من الداخل! فكرة الحرب المستمرة التي تعطي مساحةً مميزة للحزب من أجل تمرير سلوكياته الشعواء! فكرة تأليه القائد "الأخ الأكبر"! فكرة اللاتفكير!
أفكار كهذه، ستفرض على قارئها المعايِش أن يقوم ببعض الاسقاطات على تصرفات الأنظمة القمعية، فهذه التصرفات تجسيد لأفكار الحزب! وطريقة تعامل قواتها الأمنية مع الشعوب الثائرة الرافضة، تماثل تلك التي تتعامل بها شرطة الفكر مع الناس!
المشاعر التي راودتني في أثناء قراءتي لهذه الرواية متعددة، ولن يسعني التطرق إليها هنا...
ولكن ما سأقوم به في الخطوة القادمة، هو مشاهدة الفيلم الذي يحمل نفس اسم الرواية، مع تمنياتي بأن يكون منصفًا ومتقنًا؛ كي لا ينزل بمستوى الأفكار الواردة في النص.