تحدي القراءة 2016
كتاب عنوانه رقم
أول مرة أقرأ لجورج أورويل و أول مرة أقرأ شيئا من الديستوبيا أو أدب المدينة الفاسدة ( على العكس من اليوتوبيا أو أدب المدينة الفاضلة ) و الذي يصور مجتمع خيالي فاسد يمنع فيه أفراده من الوصول إلى السعادة و العيش برفاهية و السيطرة عليهم سيطرة مطلقة و هذا هو الهدف الرئيسي من إقامة هذا المجتمع و هو الوصول إلى السيطرة المطلقة لا شيىء آخر غيرها.
يروي لنا أورويل هنا نظرته للعالم عام 1984 و الذي تسيطر عليه ثلاث قوى: أوقيانيا و التي تضم الأمريكيتين, بريطانيا, أستراليا و جنوب افريقيا؛ أوراسيا و التي تضم روسيا و أوربا و شرقاسيا أو أستاسيا و التي تضم الصين, اليابان, مانغوليا و ماجاورهم و منطقة رابعة هي محل نزاع بين هذه القوى الثلاث تضم الجزء المتبقي من افريقيا و آسيا.
تدور أحداث الرواية في مدينة لندن التابعة لأوقيانيا. هذه الأخيرة تخضع لسلطة ما يدعى ب”الحزب” و الأب الروحي لها هو “ الأخ الكبير” ذالك الذي يرتسم وجه في كل أروقة العمارات و على جميع الواجهات و عبارة “ الأخ الكبير يشاهدك” تحته بخط غليط مذكرتا المواطنين بأنهم مراقبون 24/7 في كل خطوة يخطونها بل حتى في كل فكرة تشغل بالهم. و قد خصص جهاز بأكمله يدعى “شرطة الفكر”, مهمته مراقبة أفكار العاملين بالحزب و خاصة أعضاء الحزب الخارجي و استئصال أي فرد يشتبه به.
يتكون هرم المجتمع الأوقياني من ثلاث طبقات, نجد في قمته الأخ الكبير, من تحته يأتي على الترتيب أعضاء الحزب الداخلي و هم العقل المفكر للدولة ثم أعضاء الحزب الخارجي و هم الأيدي العاملة في الحزب و أخيرا عامة الشعب أو ما يدعى بالبروليتاريا و هي الأغلبية الساحقة, هم و الحيوانات أحرار لا يخضعون لأي سلطة و لا يقيدون بأي نظام لأن لا خطر يأتي منهم.
يتكون الحزب من أربع وزارات, أسمائها هي نقيض مهامها:
- وزارة الحقيقة تعنى بشؤون الأخبار و التعليم, تزوير التاريخ و اختلاق الأكاذيب؛
- وزارة السلام و تعنى بشؤون الحرب؛
- وزارة الحب تقوم بالتعذيب لحفظ النظام؛
- وزارة الوفرة تهتم بالشوون الاقتصادية من أجل نشر المجاعة و الفقر.
البطل الرئيسي للرواية يدعى سميث ونستون عضو في الحزب الخارجي, في التاسعة و الثلاثين من عمره و يشتغل بوزارة الحقيقة. يقتصر عمله في الحزب على تغيير الحقائق و إعادة كتابة المقالات القديمة بحيث تتفق مع الأوضاع الحالية للحزب و مواقفه تطبيقا لقاعدة:’ إن من يتحكم في الماضي يتحكم في المستقبل و من يتحكم في الحاضر يتحكم في الماضي’. هذا الأخير يظهر عدائه للحزب و مقته للأخ الكبير و بما أنه لا يستطيع أن يقر بذالك أو أن يظهر على وجهه ملامح دالة على ذالك فإن أول خطوة قام بها للانقلاب على الحزب هي كتابة المذكرات و التي تعتبر جريمة فكر إذا ما كشف أمره. بعد ذالك تعرف على جوليا الفتاة ذات الشعر الأسود التي تعمل في دائرة الإثارة و التي كان في وقت غير بعيد يمقتها أشد المقت حتى أنه خطر بباله أن يفعل لها أشياء سيئة و هذا لأنها تظهر ولاءا أعمى للحزب ثم تعرف على أوبراين أحد أعضاء الحزب الداخلي و الذي اعتقد ونستون أنه من صفه بعد أن دعاه هذا الأخير الى بيته في أحد الأيام..... هل كان عليه أن يثق به ؟ هل كان من الصواب أن يصاحب جوليا؟ و هل كان عليه أصلا أن يبدأ بكتابة مذكراته؟
أصابتني رواية جورج أرويل بنفس الدهشة التي تملكتني عندما اكتشفت أدب الواقعية السحرية من خلال رواية ماركيز “مئة عام من العزلة’ فأنا لم أقرأ شيئا من قبل عن الديستوبيا, و قد أعطاني الرغبة لقراءة المزيد من هذا الأدب و عناوين كثيرة تخطر ببالي مثل فهرنهايت 451, ألعاب الجوع, الجامحة...