"لم أشعر بأي حسرة على أي شيء، كنت أبحث عن مكان، ولو رمزياً، يحتوي هذا الألم وهذه المُخيلة التي كانت تتمدد باتجاه الجذور."
كتاب "مسار الأزرق الحزين" هو سيرة للكاتب "علاء خالد" عندما تفاقم مرضه بسبب خطأ طبي، فجعله طريح الفراش لفترة كبيرة، فترة كانت كافية لأن يشعر باقتراب الموت، ويطوف حوله، منتهزاً لأقرب فُرصة لكي يحصد روحه، تلك التجربة التي تشعر فيها أنك اقتربت من الموت كفاية، وأنك قد انفصلت عن حاجز الحياة، وكنت على مقدار شفا حفرة من الموت، ثم فجأة تجد نفسك مرة أخرى بداخل الحياة. تلك العناية الإلهية، هي ما جعلت الكاتب "علاء خالد" يقوم من سرير مرضه، ويتعافى، لكي يتحدث عن تلك الفترة في هذا الكتاب، بلغة شعرية، عن المرض، والموت، والحياة، وكيف أن المرض يُجردنا من كُل إنسانيتنا، فلا حرج عند المريض، ولا كبرياء، ولا أي شيء، يراك المُمرضين والمُمرضات تبكي وتصرخ ألماً، ستكون عارياً أمامهم، بحرفية الكلمة ومجازها، فقد يجعلك المرض هشاً إلى الدرجة التي تجعلك غير قادر على تنظيف نفسك، أن تقضي حاجتك بنفسك، وأن تأكل بنفسك، ذلك ما سيجعلك مُعتمد كلياً على الآخرين، ووقتها تستطيع أن ترى، أنك أضعف مما تتصور، أن رُبما خطأ طبي بسيط، قد يُكلفك حياتك، مهما اشتد عضدك.
مسار الأزرق الحزين، هو مسار تلك العلامات التي تركتها الحقن، والكانيولا، والقسطرات المُنتشرة بجسدك، مُشكلة مساراً وطريقاً لا تستطيع أن تنساه، مساراً لكيف أن الحياة هشة، لأبعد الحدود، وأن كُل الزيف الذي نعيشه يفضحه المرض والموت ورائحة المُستشفيات والديتول، تلك الرائحة الخانقة، التي ارتبطت معي ضمنياً بالموت، في المستشفيات فقط، ستجد رائحة الموت.
ختاماً،
اعجبتني الكتابة المُرهفة، الشعرية، والكاتب لم يُغفل فرصة واحدة لسبر أغوار المرض، وما حوله، من المرضى والمُمرضين والأطباء، وتناولها بطريقة مُميزة وكاشفة، ومؤلمة.
بكل تأكيد يُنصح به.