الرومي : و نار العشق
ليس أول كتاب أقرأه عن قصة الرومي و حياته و "مثنويه" و لكن أول كتاب أقرأه عن سيرته كسيرة و ليست كرواية بما تحمله الرواية من معاني أدبية في الشكل و البناء و الشخصيات، سميت رواية قد يكون بسبب أنها تروي قصة و لكنها تسجيل تاريخي لأحداث قد تكون حدثت بالفعل حيث الكاتبة تختبئ خلف الراوي و هو أحد مريدي مولانا جلال الدين الرومي ، حيث أنها تتكلم بلسانه في سرد الاحداث.
جمال هذا الكتاب "الرواية" بأنك تقرأ تاريخ أو سيرة ذاتية بتجرد و حرية من قانون الشكل الادبي للرواية فيذهب التركيز على معاني الاحداث و مناسبات قول الاقوال و على رأسها ما تم اقتباسه من كتابي الرومي "المثنوي" و "فيه ما فيه".
الجديد في هذا الكتاب و كما قلت أعلاه التركيز على الاحداث الواقعية لمقارنتها ببعضها لتخرج بقانون للعشق و هو الزمردة:
اذا ظهر تنين في الطريق
فالعشق مثل زمردة
بنور تلك الزمردة
امض و طارد التنين
فالرومي بلقائه بشمس التبريزي اشعل نار العشق و بخلوته معه تعلم العشق و ذاق حرارته فكان لابد من الاحتراق أيضا عشقا بالهبه فتركه فكان نار الاحتراق لهذا قال "كنت نيئا ، فطهيت و تفحمت"
و هنا يقارن نفسه بالناي الذي لم تخرج منه الحان الناي الحزينة على الفراق و املها في العودة الا سببهما و لكن هيهات هيهات فيقول الرومي في مستهل "المثنوي":
استمع لهذا الناي يأخذ في الشكاية ،
منذ أن كان من الغاب اقتلاعي ،
ضج الرجال و النساء في صوت التياعي ،
أبتغي صدرا يمزقه الفراق،
كي أبث آلام الفراق.
و لكن الفرق بينهم أن الناي فارق مجبرا و الرومي فارق شمسه طوعا (باجبار داخلي) و هنا يخرج الباطن في معنى الفراق بالتشابه بين الرومي و الناي و لكن الظاهر يقول غير ذلك في أن الرومي هو من جعل شمس يفارقه حيث كانوا يجلسون في حجرة مثلجة و هناك أغراب يريدون قتل شمس في الخارج ، فقال شمس للرومي: انهم يدعونني ليقتلونني فرد عليه الرومي: "يفعل الله ما يشاء و يحكم ما يريد" فخرج شمس و كان الفراق و الاحتراق.
لولا ذاك الاحتراق لم يقل الرومي ما قال و لم يكتب ما كتب "المثنوي" الذي اصبح طابعا للادب الفارسي.