كما عوّدنا العمري في كل مؤلفاته أن يستخرج لنا دائماً اللآلئ القرآنية المخبئة بين الآيات الكريمة؛ فقد فعل هذا هنا أيضاً ولكن على نطاق كتاب كامل وليس فصول منه فحسب كما هو الحال مع كتبه الأخرى.
كانت الحكم والأحكام والمشاعر والمعاني التي خرج لنا بها عظيمة. يقف القارئ عند جلالها وعمقها وبديهية استنتاجها مصدوماً لعدم استنتاجه لها بديهياً!!
ويقف حائراً أمام قدرة العمري على قراءة القرآن وتدبره ليس كأي أحد منا. ويذهل لعميق الفهم والذهن المتقد والقلب المتدبر اللذين حباهما الله للعمري.
الكتاب كان تفسيراً عميقاً لآيات من القرآن قد تُفهم فهماً سطحياً أو خاطئاً أو مقتصراً على المعنى الظاهر دون الباطن.
فكانت وظيفة العمري إخراج اللب وتصحيح الفهم ومحاولة إيصال المعنى الباطن إلينا، بأسلوب عذب بسيط خاطب فيه العقل والقلب والجوارح.
كان الأسلوب هنا مختلفاً بعض الشيء عن أسلوب العمري المعتاد في مؤلفاته السابقة، ربما لأن كتابه كان برنامجاً تلفزيونياً فاحتاج لبعض التغيير ليلائمه. فبدا أسلوبه بالنسبة لي مسموعاً أثناء القراءة أكثر منه مكتوباً. فكنت أسمع مقدّماً يلقي النص وأتخيل الصور المعبّرة التي من الممكن أن تكون قد عرضت أثناء الإلقاء! فكان هذا غريباً وممتعاً في آن.
وكما في كل مراجعة لي لكتب العمري، يجب أن أقف عند نفس النقطة وأنقدها دائماً "المطمطة"، كانت حاضرة في كل الفصول، في مقدمتها خصوصاً وفي خاتمتها أحياناً، وفي اللب أحياناً أخرى.
بشكل كان في بعض الأوقات مزعجاً، وفي أخرى كان ممهداً ضرورياً قد تجاوز حده من التمهيد ليصبح مملاً بعض الشيء.
ولكن على العموم كان الكتاب جيداً والأسلوب مميزاً والطرح عميقاً والفكرة مبتكرة كما في كل مرة.
كتابي التالي للعمري سيكون إن شاء الله "السيرة مستمرة" فإلى هناك ننتقل.